هل وجود الشرطة والأجهزة المخابراتية من أجل استتباب الأمن…أو؟
الأخبار المغربية/ عبدالمجيد مصلح
مجموعة كبيرة من الأسئلة يطرحها المتتبعون لما يجري من أحداث عبر تراب المملكة، ويسألون الإعلام المغربي الجهوي والوطني عن المسكوت عنه تجاه المديرية العامة للأمن الوطني، قبل كل شيء علينا أن نعرج للحظات لما هو أهم بكثير، إنهم المهرولون بأسرع ما يمكن لمصالحهم الذاتية دون الالتفات لمن (احترق/يحترق/سيحترق)، من هنا وهناك في رحلة الوطن الشقي بأبنائه..أبنائه الأوفياء الذين يخرجون يوميا لتأدية واجبهم (لا غير) هؤلاء ضحايا سياسة صبيانية (للأذكياء) المتغافلين عن حريق هائل مازال يصر على الاشتعال أسفل أقدام الجميع.. وهم ضحية دولة مستأسدة على أموال الشعب، وأفكارهم وحتى امانيهم في كيفية الاعتراض على عمل الشرطة (مطلوقة اليد)، التي أصبحت مفخرة للنظام الحاكم لأنها تؤدي دورها تماما في قهر المواطن المغربي (أمازيغ/ريف/صحراوي/ملكي/حقوقي/عروبي)، وتكميم فمه وتكبيله وإهانته ودون أي ضمير حي (قتله).
فالمؤسسة الوحيدة المنوط بها إدارة النظام ومنع العبث والفوضى وتطبيق القانون مصابة بحساسية
مفرطة تجاه الرأي الآخر الذي ونسبةً (لهيبتها) يمكن أن تأطر قانوناً لمنع النقد وإخراج الحقائق والتنقيب عن آثام الشرطة، وكل ذلك نسبةً لطبيعة الأداء الذي تريده الدولة الشمولية الفاسدة للشرطة، وتغييب الذهنية المنطقية في العمل الشرطي المرتبط كلياً بالذهنية الاستبدادية للدولة، الذهنية المنطقية للجهاز التنفيذي الأول في الدولة تفترض على المديرية العامة للأمن الوطني، تأهيل مفاهيم المجتمع المدني (الأعزل) عن ماهية القانون وكيفية تدبيره والتدبر به وتنزيله على السلوك اليومي لأفراد المجتمع كافة، ويشمل فيما يشمل بالطبع سلوك الشرطي والمسؤولين في الدولة من رئيس الحكومة إلى المخزني (القوات المساعدة)، الشاهد هنا ليس توزيع الأدوار على أذرع الدولة من حيث تجاه الدولة للفرد داخل كافة المنظومات في المجتمع ولكن شمولية الأنظمة الحاكمة في تلكم العهود أفضت لوجود حد فاصل مائع بين الحقوق المدنية وتنظيم شؤون الدولة فتصر الدولة على حقوقها (…)، ولغياب الممارسة الديمقراطية والشفافية والأجهزة الرقابية الفاعلة على مؤسسات الدولة وتغلب الذهنية الاستبدادية والشمولية (في آنٍ واحد) على ما هو متطلب وما هو منطقي ومدير لحركة المجتمع وفق ما توفر له من قوانين وإن يطالها التعديل من قبل الأنظمة الحاكمة ذات الذهنية الاستبدادية والفقه الشمولي لتفصل حركات وسكنات المجتمع لصالحها، وتحجم من المعارضة والنقد، وتبعد عنها سيف الرقابة ويمكن النظر إلى القوانين المقيدة التي نُحكم بها الآن (قانون الأمن والدفاع وقانون الصحافة والمطبوعات وقانون نقابات العمال وقوانين جطو والنباوي والمنصوري والحموشي والمكتب الخامس و…و..الخ )، فكلها قوانين مفصلة ٌ وموضوعة في إطار انتخابات وهمية وبرلمانات كرتونية (لا تهش ولا تنش) عليها بالبصم واللهث وراء مخصصات البرلمانيين.
فمع تغيرات (منظورة) وفق دستور انتقالي عمدت الحكومة على أن تظل أنفاسها الحارة (تعبق) الجو وتغلبت الذهنية الاستبدادية فيه لأن الحركات الانفصالية (الامازيغ/الريف/الرافضة/العدل والاحسان/الفصائل والانفصاليين والرحل..) ما زالت تحت وطأة الهاجس الأمني (والمؤامرتي المؤتمري) وبطء التفسير والتنزيل والتنفيذ وغياب ملامح أجهزة الدولة الرقابية ومؤسسات تطوير المجتمع المدني..تمت تطوير قدرات الشرطة لضرورة الهاجس الأمني الداخلي والإقليمي وما يسمى بالحرب على الإرهاب (بسيج)، و إثر التخوف من الحركات الانفصالية (الامازيغ/الريافة/الصحراويين) (التدخل السريع والقوات المساعدة) وانتشار ما يلزم من الفوضى داخل المجتمع المغربي نتيجة التدهور الاقتصادي والانحراف الأخلاقي والنزوح الغير المنضبط وانشغال الدولة العميقة بالتطوير والاهتمام بجهاز الدولة التنفيذي كان بزيادة الأفراد وإعادة ميزات التنوع القبلي وظهور مكثف لأجهزة القمع ومكافحة (الشغب) والفوضى والمواطن، وبتجهيزات لا يمكن أن تكون إلا لدولة تخوض حرباً ضد..مواطنيها، (جرادة) ومناطق أخرى كثيرة هذا دون الحديث عن الحسيمة التي دخلت التاريخ وأصبحنا نرى وقفات احتجاجية ضد كل ما هو مغربي عروبي في نيويورك وكندا وأستراليا وباريس وفي المغرب كان دور المديرية العامة للأمن الوطني دوماً مصبوغ بالتهاني والتبريكات على انجازاتها، فبها من يعمل حتى أوان كتابتنا هذه بجد واجتهاد وسهر وأمانة وإخلاص وينتقد مثلنا المديرية العامة للأمن الوطني، التي تمنعه قوانينها على إبداء رأي واضح ويتحكم فيه واقع اقتصادي مذل في حالة فصله من العمل.
كبار المسؤولين بالمديرية العامة للأمن الوطني، يتمتعون أو يتوفرون أو ينعمون بكامل أطقم الرفاهية وإكسسوارات السلطة، لأنهم استثمار لخدمات النظام، فيذهب المال إلى مستودع السلطة وينزل الغبن ونظرةٌ (للقَهر) على وجه الشرطي، وهذا لا يمنعها من كونها اشتركت مع الدولة في رسم خارطة لعملية قهر المواطن من خلال قوانين مجافية للمنطق وذلك عن طريق حمايتها للقانون الذي تسلمه الدولة للتنفيذ وقي خلال مسيرة الفصل بين (المُنفِذ) و(المُنفَذَ فيه) إثر حدوث ما لا يحمد عقباه، تخرج الدولة مستنكرة ونافية ويموت من جهةٍ أخرى مُنفِذ و مُنفَذَ فيه.
هذا ما حدث طول فترة المظاهرات والاحتجاجات والوقفات والمسيرات طوال سنين، كانت الشرطة والقوات المساعدة حامية لعناصر أمن النظام و الانفصاليون والأمازيغ والمطالبون بإسقاط النظام المدججون بالأسلحة البيضاء تحت سمع وأنظار المؤسسة التنفيذية للقانون وكثير من الأحيان تحت سلطات أوامرهم..وهم يفعلون الأفاعيل بالشرطيين والمخازنية، وكان أفراد المرتزقة يهرولون وراء الشرطيين والمخازنية ينكلون بهم وفي أحيان أخرى يقتلونهم (إنتفاضة آسا/إكديم إزيك/جرادة/الحسيمة).
لقد كانت الشرطة والمخازنية، أداة لتنفيذ سياسات خاطئة من قبل المسؤولين المركزيين الذين لا يفقهون طرق علاج كل التظاهرات بالحوار ثم اللقاءات المتكررة وإصلاح ما يمكن إصلاحه اللهم إذا كان هؤلاء يستفيدون من هذه المسيرات الاحتجاجية التي تطالب بإسقاط النظام، وإذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، فالحوار هو خير علاج لكل ما يروج له من يقولون بأن الشعب يريد إسقاط النظام، فمسيرة اليوم ما كانت لتكون لو أن المسؤولين المركزيين الذين ينعمون في الخيرات، قاموا بعملهم الاستباقي، هل خطر الإرهابيين أشد أو مسيرة مليونية تهتف بحياة الشعب؟
شباب كانوا يتشوقون لأبسط حقوقهم العمل والسكن والتعليم والصحة وإصلاح القضاء، فهل قام المدير العام للأمن الوطني الذي كان يطل من شرفته بالمديرية العامة للأمن الوطني، بعمل وفق ما نعرفه عنه وما تروجه اليوميات الأوروبية والعالمية، لتهدئة المحتجين والجلوس معهم وليس الاكتفاء بالنظر إليهم من النافدة والتلويح بيديك لسيارات الشرطة المحملة بقواتها وأين هي السيارات والقوات التي تذهب في مهمة البحث عن الإرهابيين، هذا إذا كان بالفعل يهمك هيبة الشرطيين وهيبة الدولة.
الموت الرخيص للمواطن المغربي، كثير قبل الواجب وحق الدولة والقسم والوطنية والمنطق والمعقول، وهناك ما لا يمكن أن يكون جماعياً أبداً..الضمير.. إذن فلينظر المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، إلى التجاوزات التي تحدث باسم مؤسستهم وجهازهم التنفيذي، والمعروف أن عملية التغيير في الهيكل الوظيفي داخل المديرية العامة للأمن الوطني، كان وسيلة لدس مسيطرين على مفاصل الأجهزة ليس إلا..
الضمير…الذي نقصده يبحث في قوانين المرور المعدة خصيصاً لانتزاع ما في جيوب الناس بعيدا عن الوعي المروري، وتوفر إشارات المرور، والنسق المتوازن لحركة المرور، وخطوط عبور المشاة ذات الإشارات وعملية التجاهل لمخالفات المسؤولين بالدولة والتابعين للمؤسسة المخزنية بكافة أذرعها ومراجعة التصديقات والتراخيص الممنوحة بفقه الموالاة والمنفعة وعلو الشأن والرسوم المفروضة على الأوراق الثبوتية ورخص المرور (قبل أيام صرح مسؤول كبير في الشرطة تصريح مخجل عن عدم المقارنة بين رسوم المخالفات في المغرب والدول الأخرى من حيث القيمة المنخفضة).
للشرطة دور مهم لحفظ سلامة المواطن، المواطن الذي يدفع من حر ماله للارتقاء بالخدمات التي تقدم له من قبل الدولة وتشمل فيما تشمل امن وسلامة الدولة وما يدفعه المواطن من خلال ما يتوفر له من موارد نتيجة سعيه في إيجاد الوسائل المناسبة لسبل العيش، إن اذرع المؤسسة الأمنية (الشرطة والمخابرات) مؤسسات غير منتجة ولا تعول عليها الدولة كمصدر من مصادر التمويل المالي لخزينة الدولة، لذا فمن واجب المؤسسة الأمنية توفير الاحترام اللازم للجهة التي تدعم مال تسيير أعمالها وهي المواطن وتأطير ذلك قانونيا بدلاً من البحث عن قوانين تمكن المتشبثين بأذرع المؤسسة من كسر رقاب الناس وقتلهم بالسلاح الذي ساهموا بثمنه لمجرد إحساس (العنصر الأمني) بالخطر الشخصي على حياته وله مطلق الصلاحية في الدفاع عن النفس حتى لو كان الطرف الآخر أعزل.
سيقول قائل أن الدولة مواجهة بظروف أمنية تحتم هذه التجهيزات الأمنية، وسيقول قائل أن الحكومة طفل في طور الحبو لم يرضع حتى الآن مفاهيم الرقابة والمؤسسية من الدولة لأن ثديها لا ينتج مثل هذه الأشياء، وسيقول قائل إن أوضاع المنتسبين للشرطة مشابهة لكافة الأفراد المدنيين بل أن الجهد المبذول برواتب أقرب من التفاهة بمكان، وإن الانفلات الأمني والأخلاقي عامل محبط للشرطي أيضاً بل ويضعه أمام خيارات القوامة والاعتدال أو الارتشاء أو الانحلال لذا لا يمكن غير تحفيزه وتحسين أوضاعه وميزانية الدولة (المسكينة) مرهقة لذا فلا يمكن أن نشرك المواطن في مسألة الحوافز وزيادة الأجور..وهلمجرا
سيقولون ويقولون ولكن للحق هيئة واحدة وللعدل ثوب مفصل على هيئة الإنصاف والمصالحة ومجلس وطني لحقوق الانسان، والضمير كالهر لا يغمض عينيه في الظلام، والناس أمام تساؤل أكبر من كلماتي، والأوامر الاستبدادية الخاطئة وسياسات الدولة التي يمكن أن يصنفها المرء جهاراً نهاراً والله هو الرازق والقوي المنتقم الجبار.
لا تحل مثل هذه المسائل بالكلمات..والخطب…والكلام…ولا برصاصة تخترقه..أدمغة من يعي ولن يصعب على احد الضغط على الزناد…ولا يصعب على احد الضغط …وهو مرتاح البال …فلتغادر الدولة هيبة زائفة … تحاول خلقها ..لوطن يضم الجميع قبل فوات الأوان.
عبدالمجيد مصلح رئيس التنسيقية المغربية للصحافة والإعلام وحقوق الانسان