المغاربة ينتظرون حكومة جديدة بوزير السعادة والتفاؤل بديلا لحكومة التعاسة الجزء الثاني

الأخبار المغربية

المغرب – إن مفهوم التفاؤل الكبير كما يفهمه الساسة في بلادنا لا يمكنه أن يؤثر على ضمير الشعب ونظرته للأمور بعيدا عن الحقائق والوقائع، فارتباط التفاؤل بالواقع اليومي للناس مسألة تابثة وحاضرة، وكل تغييب لها بتكهنات وافتراضات ومسميات فولكلورية يفقد هذا التفاؤل مصداقيته وحلاوته، أي بصريح العبارة أن كل مسؤول صغيرا كان أو كبيرا في هذا البلد على تفاؤله أن يكون مضمونا فعليا، يتجاوب وتطلعات المواطنين، لأنه إذا لم يكن التطبيق الفعلي لسياسات التفاؤل فإنه يغدو من الصعب على الفكر التفاؤلي أن يتسرب إلى جسم المجتمع وبالتالي الحصول على نتائج معقولة، وقد أثبتت التجارب السياسية السابقة (حكومة التناوب) أن ذلك لا يحل المشاكل ولا يفتح الآفاق وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.

ثم إذا كان التفاؤل كما تتصوره و تتبناه الجهات المسؤولة له ما يبرره في الواقع، فذلك يلزمها أن تنقله إلى فضاءات الواقع وتطوره وتعمل على تطبيقه وحمايته، فالمشكلة لدينا هي غياب المسؤول عن تفاؤله و محاسبته عندما يفشل في إقناع و تعبئة الناس بوجاهة تفاؤله، لذلك ينعت الناس هذا النوع من المسؤولين عادة بالانتهازيين وما أكثرهم في واقعنا المغربي، لأنهم يفهمون حقيقة تفاؤلهم لكنهم يتسترون عليه ويخفونه ولا يعترفون به أو ببعضه إلا عندما يغادرون خيمة المسؤولية فيصرحون ويكتبون المذكرات ويدلون بالحقائق أو أنصافها لكن بعد فوات الأوان.

صحيح أن التفاؤل حق مشروع، تكفله كل السياسات والقوانين، بفلسفته تستوي أوضاع وتحل مشاكل وترتقي أمم، أما تصريفه في غير محله وإيهام الناس البسطاء على الخصوص ببريقه وغلاته بغرض التمويه فباطل وإهانة، بل اغتصاب في حق شعب.

فمجتمع متفائل يعني ضمنيا حكومة متفائلة، برلمانا متفائل، نخبة متفائلة اقتصادا ذو قانونا متفائلا، ومواطنا يتعامل مع كل هذا متفائلا، أي باختصار البحت عن ترتيب جديد (الحرية ثم الكرامة ثم التفاؤل).

نحن لا نجحد و لا ننكر أن ثمة ظواهر منعشة للأمل في المملكة المغربية لكنها تبقى محدودة جدا و أنه من باب الإنصاف أن نقول أن التفاؤل في العمل السياسي ليس مهمة سهلة أو موقفا مزاجيا أو تصريحات للاستهلاك الإعلامي، فلا يكفي أن يتبوأ حزب صدارة الانتخابات ليبدأ في رفع الشعارات رغم تعذر أدوات التطبيق، فالتفاؤل له أصوله مثله مثل التشاؤم منها، و الواجب أخد المبادرة والنزول إلى الميدان لمعاينة الأوضاع عن قرب، ثم ألم يساهم التشاؤم في استقطاب الجماهير لصالح أحزاب المعارضة بالأمس، حيث وظيفته في البرلمان والنقابات كورقة ضغط أوصلتها إلى سدة الحكم؟ وهنا لا ينبغي أن نخلط بين الوجه المشرق، التشاؤم كفلسفة رائدة في مواجهة الوجه القبيح للتفاؤل و بين توظيفه بالكذب و المزايدات لتسلق السلاليم وقضاء المصالح الخاصة على حساب معاناة الشعب، فمنطق الحكم هنا يقتضي الذود عن مصالح العباد و ليس إستغلالها للتطاول على أحلامهم و انتظاراتهم، فليس ثمة حل وسط إما الوقوف على أرضية المواقف الصلبة الأصيلة أو الانغماس في حمأة التناقضات و لعبة الأقنعة: اليوم مع الشعب و غدا ضده؟!

إننا لا نسعى من خلال تشاؤمنا المشروع هذا طمس تفاؤل الحكومة الحالية أو الإقلال من شأنها بل نسعى إلى تنبيهها إلى أن سياسة التفاؤل المبالغ فيها لن تأتي بالمعجزات، لتفتح عيونها جيدا على الواقع المغربي لتحسين هيئة بأسرع طريقة ممكنة ليتسرب التفاؤل إلى عقل كل مغربي يحلم بالكرامة و الحرية في كنف هذا الوطن الذي نحبه جميعا.

تصبحون على تغيير

قد يعجبك ايضا
Loading...