بقلم: عبدالمجيد مصلح
الدارالبيضاء – ما يثير الانتباه في عصرنا الحالي هو فقدان الإنسانية لقيمها ومبادئها القوية التي أرستها أجيال متعاقبة ناضلت وكافحت من أجل ضمان الحقوق المشروعة للفرد وللجماعة، في السنين الأخيرة أضحى العالم عبارة على غابة متوحشة لا قرار فيها للضعيف و المحروم بعكس القوي المتجبر الذي يزداد شدة وغلظة، فحاضرنا تشابكت فيه المفاهيم واختلطت فيه القيم فصارت العديد من الأمور عسيرة الفهم ومبهمة وغامضة وذلك راجع لغياب الحكمة والرزانة في طرح القضايا الشائكة ومعالجتها بكل أمانة ومصداقية.
ما نود إثارته من خلال هذه المقالة هو ما يعانيه المغاربة المحتجزون بتندوف المغتصبة ومناطق أخرى مختلفة جزائرية هذه المعاناة التي استمرت لحقب طويلة ولازالت تتجلى في المضايقات والتجاوزات التي يتعرض لها الشعب المغربي المحتجز بمعتقلات داخلية جزائرية و المستعمرة تندوف.
فعصابات المرتزقة بمساعدة الحكومة الجزائرية الشقيقة أسوة بالتي تصيب الرأس تستغل الصحراويين البسطاء أبناء المجاهدين وتضطهدهم وتسلب حقوقهم وتتاجر في المساعدات الإنسانية التي تستجديها باسمهم و تحاول تزييف إرادتهم في اختيار مصيرهم وممارسة حقهم الطبيعي في الاختيار في العودة إلى بلادهم أو البقاء في حضن الكابرانات والذي نستبعد حصوله نظرا لما قاسوه من ويلات ونظرا لما واجهوه من تحديات وأزمات متعددة محافظة على هويتهم وعلى حقهم في العودة في حضن البلد الأصلي المملكة المغربية.
فلم تعد الدعاية الإعلامية للانفصال التي تسخر لها الشقيقة الجزائر خيرات شعبها الشقيق تستطيع أن تقنع عقول أبسط الناس، وما يقع من انفلاتات طائشة في الصحراء المغربية هو نتيجة للوضع السيء الذي فرضه منطق الأشياء في المنطقة إذ لا يمكن الدفع بتنمية حقيقية تتساوى فيها جهة الصحراء بباقي جهات المملكة بدون وضع حد لأسباب التعثر متجسدة في الأطماع الجزائرية وبالإضافة إلى هذا فالحديث عن المأساة التي يحياها المغاربة المحتجزون بالجزائر وتندوف المغتصبة، يستدعي أكثر من وقفة لإبراز قضيتهم المصيرية والدفاع عنها في المحافل الدولية حتى تضمن حقها المشروع في العودة إلى الوطن والعيش الكريم مطمئنة في أحضانه.
إن الذاكرة الإنسانية لا تستطيع أن تنسى ما تعرض له المغاربة على يد المحتل الجزائري وأطماعه في منفذ إلى المحيط الأطلسي من مذابح وحشية اقترفتها عصابات المرتزقة و الكابرانات والتي لم يستثنوا فيها لا الشيوخ ولا الأطفال ولا النساء فالكل كان هدفا لطلقاتهم فتحولت الأراضي الجنوبية الشرقية للمغرب إلى قبور منتشرة للضحايا والشهداء، إضافة إلى المخطط الجزائري الأخير والذي بموجبه تم التشطيب على الملاكين المغاربة لأراضيهم وتم طردهم منها و لم تقم الحكومة المغربية بما يتوجب لدى الجهات الدولية ذات الاختصاص حفظا لحقوق تضمنها المواثيق والعهود الدولية، ومما زاد الطين بلة تماطل العديد من المحافل الدولية في اتخاذ قرارات تحمي الأبرياء العزل كما أن التواطؤ كان واضحا من خلال تصريحات ومواقف العديد من الجهات والتي أعلنت صراحة عن وجهات نظر ملتبسة مما يكشف عن أزمة في التدبير السياسي للملف، لكن الحل الأمثل يبقى هو الحكم الذاتي لجهة الصحراء المغربية، إذ لن يستطيع أحد أن يبتز المغاربة الأحرار ما لايرضاه آباؤهم و شهامتهم، فلا تبخسوا فينا كرامتنا.
“ولموت يغيض العدا…خير من عيش مذلة”
سيظل المحتجزون بتندوف المغربية والسجون الجزائرية الشقيقة يعتبرون بحق شاهد إثبات على غطرسة وتعصب وأنانية الحكومة الجزائرية، التي يسيرها الجنرالات كما تسير الكراكيز ضدا على مصلحة شعوب المنطقة عامة، فحري بنا إذن أن نؤكد بأن المغرب على صحراءه وكل الطرق تؤدي إلى الحكم الذاتي في إطار الجهوية الموسعة، فتحية خالصة لكل من ساهم في إنجاح هذا المشروع الإنساني وتحية خالصة إلى العائدين لأرض الوطن.