بسم الله (ماذا نفعل في شعبان)
الحمد لله الذي جعل رحمته ورضاه لمن أطاعه، وجعل غضبه وعذابه لمن عصاه وخالف أوامره وهو أحكم الحاكمين وأشهد أن لاإلاه إلا الله وحده لا شريك له، إلاها واحدا ونحن له عابدون.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسول الله سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
من يطع الله ورسوله ربح وأصاب ومن يعص الله ورسوله خسر وخاب
أما بعد أيها المسلمون،
ماذا نعمل في شعبان وكيف نستقبل رمضان؟
معاشر المسلمين، لما كان شعبان كالمقدمة لاستقبال رمضان، شرع فيه ما يشرع في رمضان من الضيام وقراءة القرآن، يستعد المسلم لاستقبال رمضان بما يليق به من تكريم واحترام وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمان، ولذلك كان السلف الصالح يجتهدون في شعبان ويتهيئون لاستقبال رمضان.
قال أبوبكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع وشهر شعبان شهر السقي وشهر رمضان شهر حصاد الزرع.
وقال أيضا: شهر رجب كالريح، وشهر شعبان كالغيم، وشهر رمضان كالمطر ومن لم يزرع و يغرس في رجب، ولم يسق في شعبان، فكيف يريد أن يحصُد في رمضان، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات.
فالصيام في شعبان كالتمرين على صيام رمضان، حتى يدخل المسلم في صيام رمضان بدون مشقة وبدون تكلف بل يكون قد تمرن على الصيام وألفه واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بنشاط، وأكــــــــــــرر:
لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما شرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل الاستعداد لاستقبال رمضان وتتدرب النفوس بذلك على طاعة الرحمان.
وكان يُقال لشهر شعبان شهر القراء ومنهم من كان يغلق حانوته في شهر شعبان، ويتفرغ لقراءة القرآن.
وفضائل القرآن كثيرة والحمد لله
أيها الموحدون،
بقي لوصول هذا الضيف الكريم أيام معدودة وهو ثقيل على بعض الناس مع الأسف الشديدن والناس فيه على قسمين:
منهم من يستبقبله بما يليق به من صيام وقيام وقراءة القرآن وإحسان، ومنهم من يستقبله بالملاهي والقمار بأنواعه الشرقية والغربية أو الالتجاء إلى الشواطئ القذرة التي لا تليق بالمسلم في رمضان أو في غيره.
والمتأمل في واقع بعض الناس يلاحظ أن كثيرا من الناس في غفلة عن استقبال هذا الضيف الكريم المبارك وكأنه لا يعنيهم في شئ أو أن هذا الضيف الكريم قادم لغيرهم قادم لقوم آخرين، فالناس لازالوا في معاصيهم وانحرافهم حتى ورمضان يطرق الأبواب.
فالحانات الخمرية في رواج والسكارى في تنافس مستمر والبغايا في نشاط، وتهتُك، ونساء في تكشف وعري وقلة حياء والجميع في رمالهم الجهنمية يتمرغون وعلى ربهم الكريم يتمردون ويعصون.
فرمضان لم يعد عند كثير من الناس شهر قداسة واحترام وتوقير، شهر رمضان فرصة للرجوع إلى الله العزيز الحكيم بتذلل وخشوع وتوبة مصحوبة بندم وحسرة على مافات من أوقات ضائعة لاسيما ورمضان على الأبواب والصيف يعرف كل انواع العصيان للملك الديان والكريم الرحمان، كأنه شهر التسيب والانحلال والمحروم من حرمه الله تعالى: (ومن يهن الله فماله من مكرم إن الله يفعل ما يشاء).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد القائل: “إنما الاعمال بالنيات”
أحبتي في الله،
روى النسائي عن اسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يارسول الله لم أراك تصوم من شهر من الشهور ، ما تصوم من شعبان؟ قال: “ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع فيه عملي وأنا صائم” رواه النسائي
أيها الموحدون، فالناس إما في غفلة عن قدوم الضيف الكريم أو في خوف منه وإما في استعداد لمجيئه، كل بحسب نطرته إلى هذه الشعيرة العظيمة التي نسبها الله جل وعلا إلى نفسه كما في الحديث: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به،” كما في صحيح مسلم
فرمضان عند البعض هو شهر استهلاك، لا شهر إمساك وشهر تبذير لا شهر تدبير وعوضا عن إعداد النفس لعبادة روحية يسمو بها إلى أعلى عليين وينال بها أرفع الدرجات فإن بعض الناس يعدونها لتسبح في حر من الشهوات، شهوات البطن التي تعجز عن أكل ما في الموائد الدسمة لكثرتها وتنوعها ثم يرمى بالباقي في الأزبال والقمامة والعياذ بالله.
فرمضان عن العقلاء هو شهر الاقتصاد وعند الغافلين هو شهر التبذير والمبذر أخ الشياطين.
(ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)
وآخرون يرون في شهر رمضان شهر السهرات الماجنة والحفلات الموبوءة فيعدون من البرامج التافهة والأفلام الخليعة والمسلسلات الساقطة ليستقبلوا بها شهر الصيام وشهر الغفران.
أيها الناس، إن فقدان الإحساس بعظمة هذا الضيف الكريم وهذا الشهر العظيم يدفع الكثير إلى الغفلة عن فضائله التي يحرمون منها وهم لا يشعرون وعوضا عن الاستعداد للتوبة من هذه المعاصي توبة صادقة في شهر رمضان تقابله شياطين الإنس ببرامج ماجنة تحول بينه وبين التوبة الصادقة فيستمر في عصيانه حتى في شهر الغفران، ها هي طلائع شهر رمضان بدأت مع شعبان، فهل من يقظة لتهيؤ مناسب يليق بمقام رمضان.ولا تنغص على الصائمين لحظاتهم الروحانية بأفلام ساقطة وبرامج غربية قدرة، بل على المسؤولين في الإذاعة أن يعدوا ويهيئوا الجو المناسب لهذا الضيف الكريم تعظيما وتكريما له لأن ما نرى ونسمع لا يبشر بخير ونخشى أن تفسد علينا صيامنا بما يشهد به الواقع من مظاهر الانحلال تقشعر لها الأبدان ويهتز لها الوجدان وتغيب مظاهر الصفاء الروحي الذي يخص به المغاربة هذا الشهر الفضيل ونخشى أن يتحول التسابق إلى الصفوف الأولى للمساجد حيث كتاب الله يتلى والرحمات تنزل والملائكة تحف عباد الرحمان.
يتحول إلى التسابق إلى الصفوف الأولى للمسابح والشواطئ والمهرجانات المختلطة حيث يعربد جنود الشيطان.
نخشى أن يكثر (وكالين رمضان) وتتقوى جمعيتهم التي عرفت الظلام في رمضان السابق، فالأسباب كثيرةودعاة الباطل يترصدون لهدم ما بقي من أركان هذا الدين الحنيف فالأيام قادمة والأيام حبلى ولسنا ندري ماذا ستلد لنا؟
فكيف يستقبل الضيف الكريم، ذلك سؤال يجيب عنه الواقع القادم، ولا نرجو إلا خيرا وشهرا هادئا مليئا بالعبادات وبالتسابيح والتراويح لينعم الجميع برضى الله وغفرانه ورحماته وإحسانه وكرامته وجناته: “إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”
جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولائك الذين هداهم الله وأولئك هو أولو الألباب.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد ابن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وانصر اللهم أمير البلاد جلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا تعز به الدين وارزقه اللهم البطانة الصالحة وبارك في ولي عهده وأسرته آمـــــــــــــــين
اللهم إني أسألك وأتوجه إليك أن تنصر الإسلام وتعز المسلمين، اللهم أعل بفضلك كلمتي الحق والدين، اللهم وسع على عبادك المخلصين اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين وارحم موتانا وأهلك أعداءنا واستر عوراتنا وآمن واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا واجعل خير اعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك برحمتك يا أرحم الراحمين.
يا رب العالمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ذ.مصطفى فوزي خطيب الجمعة بمسجد إبراهيم الخليل