حينما أخطأت داخلية شكيب بنموسى ودفعت المديرية العامة للدراسات والمستندات الثمن
الأخبار المغربية
المشهد الأول
سنحاول في هذا المشهد عرض شخوص وشخصيات منهم من أدى الدور كما جاء في أصل الرواية، ومنهم من ارتجل وضيع النص وبعثر الأدوار، فكانت النتيجة أن غادر الجمهور القاعة واستكمل الممثلون أدوارهم دون مخرج، فمنهم من نزل من الركح، ومنهم من لازال يؤدي دور خيال الظل.
من ملفات شاهد على المرحلة
منذ سنوات خلت ونحن نتابع موقع المغرب خارجيا وعلاقاته بالدبلوماسيات الدولية وكيف كان السفراء المغاربة يديرون دفة الدبلوماسية بالخارج وكنا نتابع الحكامة والرشد الملكي للملك الحسن الثاني رحمه الله، وكيف كانت تهابه الدول والملوك، وأيقنا بعدها أن لا خوف على المغرب خارجيا، وأن هذا الإرث تقلده بعده الملك محمد السادس حيث رضع من والده سر مفاتيح الدبلوماسية الخارجية والتي بها اليوم يسير المغرب سيرا مطمئنا رغم بعض المكائد من طرف الخصوم الأعداء والحاقدين الناقمين على موضع المغرب على السواء.
سياسة أتت أكلها في مواقع وفشلت في زوايا وأماكن والسبب في ذلك هو تهور بعض القائمين على الشأن الخارجي وهو المجال الذي يرتبط أساسا بالمؤسسات الأمنية التي ترعى الأمن القومي باعتبار أن الخارجية والداخلية يعتبران وزارات السيادة.
في محطة من محطات الأخطاء الديبلوماسية والأمنية والتي كادت أن تعصف بالعلاقات الكبرى بين المغرب وبلجيكا كان ساعتها شكيب بنموسى وزيرا للداخلية وكانت الخارجية في عهده بيد الطيب الفاسي الفهري، كان المغرب يعيش فترة غليان مع الحكومة الفدرالية البلجيكية في شخص جهاز الأمن الإستخباراتي بعد اعتقال المدعو عبد القادر بلعيرج وقامت قيامة البلدين بعد تصريحات نارية اندفاعية من طرف الداخلية المغربية، تصريحات عن جرائم بلعيرج نفذها فوق التراب البلجيكي وتتعلق بجنسيات عربية وإسرائيلية وكان الأمن البلجيكي قد سجلها ضد مجهول، وزادت تصريحات الداخلية المغربية من حدة لهجتها لتنشر بعضا من اعترافات بلعيرج حول تعامله مع المخابرات البلجيكية وهو الأمر الذي قوض بعضا من مقتضيات بروتوكولات العمل الأمني بين دولتين حتى ولو كانت هذه الاعترافات التي أدلى بها المتهم صحيحة ودون أي شكل من الانتزاع، كانت ساعتها الصحافة البلجيكية ومعها بعض الدول الأوروبية تتابع الملف في ذهول دون أن ننسى أن وزير الداخلية رغم تجربته الأكاديمية الثقيلة نسي أن المملكة البلجيكية يقطن بها عشرات الآلاف من المواطنين المغاربة وهم عصب اقتصاد الخزينة المغربية من العملة الصعبة ناهيك عن أمر تواجد مكتب أمني لجهاز “لادجيد” يعمل بصفة دبلوماسية وله مهام خاصة ودور حيوي يؤديه، وتنسيق أمني مسؤول مع الأجهزة ومكاتب الأمن البلجيكي، هذا التنسيق الذي تضرر كثيرا من جراء عمل الداخلية وترتب عنه ما ترتب من تصعيد وتجميد للعمل التنسيقي رغم محاولات ترميم البيت الداخلي لجهاز الأمن المغربي في الخارج خاصة بعد تجميد وتقليص عدد عناصر “لادجيد” في بلجيكا لتحدو حدوها هولندا، وهنا ستتغير خطة العمل وإصلاح ما كسرته قرارات الداخلية في عهد وزيرها بنموسى، لكن آليات الترميم تطلبت جهدا كبيرا وتحويل بوصلة العمل إلى فرنسا صديقة المغرب لكن ظهر عجز وفراغ في كل من هولندا وبلجيكا وتم اعتماد مقاربة أمنية أخرى شبه معاقة اعتمدت تجنيد مواطنين عديمي الكفاءة لتتحول ساحة الهجرة إلى عمل يشبه عهد الوداديات رغم أن الجيل الأول والثاني من مغاربة العالم كانوا أكثر وطنية ودفاعا عن النظام والسيادة والمغرب، في حين أن تجنيد عناصر جمعوية ودينية أساء إلى قيمة الجهاز وسمعة الجالية التي أدت فواتير أخطاء الداخلية وحولت أنظار المراقبة نحو مغاربة العالم والتنصت على خصوصياتهم وتتبع حراكاتهم وحتى مداخليهم وأنشطتهم.
قد يتساءل البعض لماذا عدنا بالتاريخ إلى النبش في أخطاء وزارة الداخلية أيا بنموسى ولماذا أثرنا ملف بلعيرج في هذا الحديث؟ والجواب لن يكون فلسفيا لأن الآثار الجانبية السلبية لهذا الحدث لازالت حاضرة إلى اليوم ورغم عودة الحياة الإدارية داخل جهاز “لادجيد” إلى الوضع العادي فقد نسمي هذا استئناس أمني تفرضه الظرفية باعتبار أن الجالية المغربية جزء من هذا التنسيق خاصة في مجال الجريمة المنظمة ومكافحة التطرف، هذا المجال الذي بعثر أوراقا كثيرة وصدرت فيه قرارات وظهرت فيه أسماء لعبت دور عجل ” السوكور” لأنها فهمت اللعبة والفراغ الذي تركته خطط الداخلية آنذاك وحاول الجهاز استدراك ما تم تخريبه وهو أمر ليس بالهين وليس بالصعب على رجال “لادجيد” لكن الأمن الأوروبي وكدائما يمنحك اليد اليمنى للسلام ويده الثانية على الزناد، والمصلحة عنده تقتضي الحذر من الصديق، وهذه الأمور لايفهم تأويلها إلا بعض الأسماء التي عاشرتهم عن قرب والأمر هنا نقصد به أسماء عالية الكفاءة والكاريزما ربحهم الجهاز والمغرب ويحضون برفعة وتقدير من طرف ملك البلاد والقصر ..
في الحلقة القادمة سنفتح سجلات المشهد الثاني أيام بدأ العبث في قضايا الشأن الديني ما بعد زمن شكيب بنموسى، وهي تراكمات بدأ تكديسها في إدارة الجهاز وانضافت إليها ملفات مجلس الجالية على اعتبار أن هذين المؤسستين كان يسري فيها داء واحد في شخص واحد راكم فضائح عديدة وتسبب للجهاز في ضربات موجعة ولازال ولاندري أي مظلة أو حصانة تحميه، بعدما فاحت روائحه في بعض مواقع التواصل الإجتماعي التي جيشها هذا المسؤول برأسين وقفا واحدة، ضانا أنها ستغطي عورات زلاته لكن ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
المشهد الثاني لاحقا ….