إعداد هشام أفتاح
للأسف الشديد نجد أن بعض أفراد المجتمع لازال يأخذ فكرة خاطئة عن بعض المؤسسات الأمنية – وخاصة الشرطة – على أنها أداة قمع وإرهاب للمجتمع، و أصبحت هذه الفكرة تتوارثها الأجيال، فتسببت بشكل كبير في توسيع الهوة و تعميقها بين أفراد المجتمع و مختلف المؤسسات الأمنية و على رأسها المديرية العامة للأمن الوطني.
إذ هناك من فسر ذلك بوجود تعارض مصالح بعض المواطنين مع مقتضيات الواجب للشرطة، فرجل الشرطة كثيرا ما كان يشكل سداً نفسياً أمام رغبات بعض المواطنين التي قد تتعارض مع مصالح المجتمع، لذلك يشعر المواطن أن الشرطة تقف سداً أو حاجزا ضد تحقيق رغباته غير المشروعة، وهذا يشكل حاجزاً نفسياً بينه وبين الشرطة.
و هناك من يرى أن طبيعة وظيفة جهاز الشرطة في الدول المتقدمة تتمثل في منع الجريمة والوقاية منها، أما في الدول النامية فهي أداة للتغير الاجتماعي والتنمية، وهذا ما يجعل مجالات الاحتكاك أكثر، و بالتالي تزداد العلاقات مع المواطنين تعكيراً.
إن وظيفة الشرطة التقليدية و واجبها هي منع الجريمة، واكتشافها، والقبض على مرتكبيها، و تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، و المحافظة على الأمن العام و الآداب، لذلك فإن أهم الواجبات الوظيفية للشرطة هي تحقيق الأمن والاستقرار لأفراد المجتمع، و لكي تؤدي هذه المؤسسة الأمنية واجباتها المهنية لا بد أن تكون مقبولة لدى المجتمع حتى تظفر بمساعدته، لأنه ربما لن تكون مقبولة و هي تنفذ القوانين التي تتعارض مع بعض أهواء و رغبات أفراد المجتمع، ولكن ستتغير الصورة إذا أدخلت هذه المؤسسة الأمنية بعض الإصلاحات على الساحة التقليدية التي تؤدي فيها واجباتها، لذلك نرى أنه من الضروري الخروج عن نطاقها التقليدي و الدخول في الخدمات الاجتماعية حتى تتقرب بها أكثر إلى مكونات المجتمع ، لأنه و أمام هذه المسؤولية الكبيرة تجد أن الشرطة بمفردها حتما عاجزة إلى حد ما عن تحقيق رسالتها لأنها محدودة العدد بالنسبة لأفراد المجتمع … ومن هنا بات لزاما على الشرطة أن تعمل على توطيد الدور الاجتماعي لها من خلال بناء جسور الثقة والتعاون بينها وبين الجمهور فهي لا تستطيع – وحدها وإن وكانت هي الجهاز المتصل اتصالاً مباشراً بأنواع السلوك المنحرف – أن تقي المجتمع من الجريمة، وتحقق له الأمن بدون تلك الثقة للمشاركة في تحمل المسؤولية الأمنية بمفهومها العام.
و عليه فإذا كانت مسألة تحقيق الأمن و العمل على استتبابه تقع في الأساس على عاتق جهاز الشرطة بالدرجة الأولى كمؤسسة أمنية في المجتمع على اعتبار أنه وظيفتها الأساسية، فإن توفير الأمن يبقى مسؤولية كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية وكل أفراد المجتمع، لذلك من الضروري وجود علاقة قوية و متينة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع لمنع الانحراف والجريمة والمشاركة سوياً في مكافحتها.