أطفال الشوارع في الدارالبيضاء الجزء الثالث
عبدالمجيد مصلح
بالقرب من باب مسجد المصلى بتراب عمالة مقاطعات عين الشق، تجري طفلة لم تبلغ السنتين وترتدي ملابس رثة إلى جوار أمها التي تجلس أمام بيت الله، وتعيش على ما يجود به عليها المصلون من صدقة، في بلد يعيش 18 مليون من سكانه البالغ عددهم 35 مليون تحت خط الفقر ويشهد أزمة اقتصادية قفزت بمعدل التضخم السنوي إلى قرابة 10% في نهاية 2018، والمشاكل تتفاقم بالتأكيد.
لماذا لم تضع وزارة الداخلية على اعتبار أنها أم الوزارات برنامجا لمواجهة ظاهرة “أطفال الشوارع”؟، ما دمنا نترحم على وزارة التضامن التي من بين واجبتها تشكيل “فريق الشوارع” الذي سينزل أعضاؤه مرتدين قمصانا حمراء تتوسطها نجمة خضراء كتب عليها “حنا معاكم”، شارع 11 يناير ومحطة أولاد زيان والهراويين ومولاي رشيد وشارع عبدالمومن ومودي بوكيتا (لارميطاج) وأزقة البلدية ودرب الكبير والمدينة القديمة وابن امسيك وعين الشق والبرنوصي والحي المحمدي والمحمدية ومديونة وتيط مليل والمعاريف…إلى شارع محمد الخامس حيث يوجد تجمع كبير من أطفال الشوارع للتحدث معهم وبناء علاقة تسمح بإقناعهم بالانتقال إلى دار رعاية تابعة لوزارة الشباب والرياضة (في المشمش)، وبحسب “الأخبار المغربية” لم نشاهد أي فريق من هذا النوع اللهم عبر القناة الثانية..
عودة لموضوع الطفلة التي لا أحد يعرف من هو والدها، ومثل عدد كبير من النساء الأمهات العازبات المتشردات في الشوارع، يرفض الوالد المفترض أبناءه أو الاعتراف بنسب أطفال الشوارع، والقانون المغربي لا يسمح باستقبال أي طفل في دار للرعاية إذا لم تكن لديه شهادة ميلاد موثقة، ومعظم هؤلاء الأطفال هم من الجيل الثاني أو الثالث من أطفال الشوارع وليست لديهم أوراق رسمية، ويتطلب الأمر إجراءات إدارية طويلة لاستخراج أوراق ثبوتية للأطفال مجهولي النسب (بدون)، وممكن الرجوع إلى المدارس الابتدائية بالمملكة المغربية، للتحقق من الخبر ومعرفة العدد الحقيقي لأبناء الأمهات العازبات، المشكلة تتفاقم بالتأكيد وتزيد الأعداد وتقلّ أعمار أطفال الشوارع، وحزام الفقر، أو المناطق العشوائية الموجودة حول الدارالبيضاء والتي يقطنها 3 ملايين مغربي (مهاجر) وفق تقديرات “الأخبار المغربية”، وأطفال لم يعرفوا أبدا معنى المنزل أو الأسرة، لأنهم من البوادي المغربية، يمارسون الدعارة والسرقة والتسول، ولا ننسى أن نذكر المسؤولين المعنيين بأن العنف المنزلي والعلاقات الجنسية بين المحارم داخل الأسرة ثم الفقر، أبرز دوافع هروب الأطفال من بيوتهن، هذا يحدث في الأحياء العشوائية وفي الأسر التي تعاني من البطالة ومن تعاطي المخدرات ومن مستوى تعليمي ضعيف..
يُقال أن في المملكة المغربية، جمعيات أو مؤسسات أو هيئات أو كما يسمون أنفسهم، يعملون مع أطفال الشوارع، وتسعى (…) إلى تقديم مساعدة عملية لهؤلاء الأطفال، في منازل كبيرة تارة وفي الإصلاحيات، يمرح أطفال تتراوح أعمارهم بين سنتين وأربعة سنوات في غرفة تستخدم كحضانة وتحوي لعبا وأوراقا وأقلاما للرسم والتلوين، وينتمي هؤلاء إلى الجيل الرابع أو الخامس، من أطفال الشوارع الذين تحاول المؤسسات التي تستضيفهم من استخراج أوراق ثبوتية لهم وجنبتهم أن يلقوا مصير أهاليهم، كما أن نفس المؤسسات تهتم بتوثيق زواج الأمهات العازبات من والد أبنائها وغالبيتهم ينفذون حاليا عقوبة سجن بسبب جريمة سرقة.
“الأخبار المغربية”، يجب أن نخشى انفجار مشكلة ملايين تربوا خلال العشرين سنة الأخيرة في الشوارع وحرموا من أمان الأسرة ولا مهارات لديهم ويلجأون إلى العنف لحل أي مشكلة، يمارسون الجنس أحيانا 100 مرة وأكثر ويعانون من كل الأمراض، والمشكلة الحقيقية هي أن تعيش أجيال كاملة في الشوارع.