هل تمثل قضية (حجاوي) مثالا حيا على تعقيدات عالم الاستخبارات بين المغرب/إسبانيا/فرنسا حيث تتشابك المصالح السياسية والأمنية في لعبة تتجاوز الحدود الوطنية
الأخبار المغربية
أناسي – يعتبر (م.ح) الذي شغل لعدة سنوات منصب “الرجل الثاني” في جهاز المخابرات الخارجية المغربي، المديرية العامة للدراسات والوثائق (دجيد) أصبح حسب قصاصات إعلامية قريبة من جهاز المخابرات الإسبانية مفقودا حاليا بعد ادعائهم فراره من إسبانيا، وتأتي هذه التطورات وسط تحقيقات وتحركات قانونية معقدة تضعه في قلب صراع استخباراتي بين المغرب/فرنسا/إسبانيا.
تشمل مسيرته المهنية في دجيد تدريبا متقدما في وكالات استخباراتية دولية بارزة مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) و “خدمة العمل” التابعة للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية (DGSE) بالإضافة إلى تدريبات في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بما في ذلك “شين بيت” و الموساد. ويعكس هذا المسار مسيرته في تنفيذ عمليات معقدة تتطلب مستوى عاليا من الحنكة الاستخباراتية والتخفي، خلال فترة عمله، تورط (ح.م) في عدة عمليات داخل إسبانيا، كان الهدف منها التأثير على سياسيين وصحفيين في ملفات حساسة، وعلى رأسها قضية الصحراء الغربية المغربية، كما يعتقد أنه لعب دورا في تنظيم مظاهرات في مدينتي سبتة ومليلية وهذا عار من الصحة، ما أثار مخاوف الأجهزة الأمنية الإسبانية بشأن تدخلات استخباراتية أجنبية على أراضيها.
وتدعي القصاصة الدعائية الإسبانية انه بعدما شعر بأنه يخضع لمراقبة مكثفة في فرنسا، قرر (م.ج) اللجوء إلى إسبانيا خلال صيف 2024، في خطوة عكست تصاعد الضغوط حوله لكن سرعان ما طالبت السلطات المغربية بتسليمه، متهمة إياه بالانتماء إلى منظمة إجرامية، و الاحتيال، والترويج للهجرة غير الشرعية، وعلى الرغم من إطلاق سراحه المشروط في البداية، إلا أنه تجاهل استدعاءات المحكمة الوطنية الإسبانية، ليختفي عن الأنظار و يصبح مطلوبا للعدالة.
رغم أن هذه القصاصة مردود عليها لأن (ح.م) يتواجد الآن تحت حماية المخابرات الإسبانية CNI بإحدى المدن بضواحي مدريد.
وتسلط هذه القضية الضوء على العلاقات المعقدة بين أجهزة الاستخبارات المغربية والفرنسية والإسبانية، حيث يكشف ادعاء اختفاء (م.ح) عن التوترات الداخلية داخل جهاز الاستخبارات المغربية (دجيد) والصراعات المحتملة داخل الدوائر الأمنية الدولية.
إن فرار مسؤول استخباراتي بهذا الحجم يطرح أسئلة حساسة حول التحولات داخل الجهاز الأمني المغربي، وقد يشير إلى انقسامات داخلية أو تصفية حسابات في عالم التجسس، حيث لا مجال للأخطاء. كما أن طريقة تعامل فرنسا وإسبانيا مع هذه القضية ستحدد إلى حد بعيد ملامح التعاون الاستخباراتي المستقبلي مع المغرب.
تمثل قضية (م.ح) مثالا حيا على تعقيدات عالم الاستخبارات، حيث تتشابك المصالح السياسية والأمنية في لعبة تتجاوز الحدود الوطنية. ويبقى السؤال مفتوحا هل ستتمكن السلطات من الوصل إليه وتقديمه للعدالة، أم أنه نجح في الإفلات إلى وجهة معروفة، تاركا وراءه قفة مليئة بالتساؤلات و التكهنات؟