الأخبار المغربية
في 24 غشت 2021 أعلنت الجزائر رسميا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية بعد أسابيع من التوتر والتصعيد بسبب خلافات متنوعة، منها ما هو تاريخي حدودي، ومنها ما هو مرتبط بآخر المستجدات السياسية في المنطقة، وعلى رأسها طبعا اتفاقية تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل التي اعتبرتها الجزائر تهديدا مباشرا لها.
لم تكن هذه الخطوة الدبلوماسية لتمر دون تأثير على عدد من مجالات التعاون بين البلدين، وعلى رأسها مجال الطاقة، إذ ساهمت هذه القطيعة المستجدة في إنهاء مشروع خط الغاز المغاربي الأوروبي الذي كان يربط الجزائر بأوروبا مرورا بالمملكة المغربية، التي كانت تؤمِّن 97% من احتياجاتها الداخلية من الغاز من نصيبها من هذه العملية التي تضمن للجزائر في المقابل عائدا ماديا، وتضمن لإسبانيا والبرتغال نصيبا مهما من احتياجاتهما الطاقية.
تأثير دبلوماسي على الطاقة
شكَّل خط الغاز المغاربي الأوروبي منذ افتتاحه أحد الموارد الطاقية الأساسية للمنطقة، فهو يخرج من الجزائر ليعبر المغرب متوجِّها إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث توفر كمية الغاز التي تصل إلى إسبانيا 50% من احتياجاتها الطاقية، ما يعني أن هذا الأنبوب الغازي كان يُمثِّل أحد شرايين الحياة لبلدان جنوب أوروبا، لكن بسبب الأزمة الدبلوماسية التي ألمَّت بالعلاقات المغربية الجزائرية، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بعدم تجديد العقد الذي يربط شركة “سوناطراك” الجزائرية بالمكتب المغربي للكهرباء والماء الصالح للشرب، إذ صادف موعد انتهاء العقد بداية الأزمة بين البلدين الجارين، لكن في الوقت نفسه تعهَّدت الجزائر بعدم تأثير هذا القرار على التزاماتها الطاقية تجاه أوروبا، مُعوِّلة على خط “ميدغاز” الذي افتُتح في مارس 2011 رغم أن معدل تدفُّقه البالغ 8 مليارات متر مكعب سنويا هو أقل بمليارَيْ متر مكعب من خط الغاز المغاربي الأوروبي، في انتظار انتهاء أشغال توسعته حتى يصل معدل تدفُّقه إلى 10.5 مليارات متر مكعب سنويا.
على الجانب الآخر، أبدى المغرب عدم قلقه من هذا القرار الجزائري، حسب ما أفصح عنه المكتب المغربي للكهرباء والماء الصالح للشرب، رغم أن المملكة كانت توفر 97% من احتياجاتها من الغاز من هذا المشروع المتوقِّف، نصف هذه الكمية كانت عبارة عن مقابل عن منحها حقوق المرور عبر ترابها، فيما كانت تشتري الرباط النصف الآخر بأسعار تفضيلية.
بدأت الرباط على ضوء هذه المعطيات البحث عن مصادر جديدة للطاقة، باحثة عن مجموعة حلول قريبة الأمد، ثم متوسطة وبعيدة الأمد، تُغنيها عن غاز جارتها الشرقية، أما الحلول المستعجلة، فلم تكن لتخرج عن استيراد الوقود الأحفوري (كالفحم مثلا) أو استيراد الكهرباء مباشرة من أوروبا، وبالنسبة للحلول المتوسطة أو بعيدة الأمد، فتوجد أولا محاولة إيجاد موارد غازية داخل التراب المغربي، أو محاولة استيراد الغاز السائل الذي يمكن نقله عبر الباخرات من أي بلد في العالم، مثل نيجيريا والولايات المتحدة وروسيا وقطر، لكن لكي تنجح العملية يجب أن تُشيِّد المملكة محطات تخزين لهذا الغاز المسال، وهي غير متاحة حاليا، إذ كان المسؤولون المغاربة يُخطِّطون لتجهيزها مع بداية سنة 2028، قبل أن تلعب السياسة لعبتها وتبعثر أوراق الرباط، علما أن تكلفة التزود بالغاز المسال تبقى مرتفعة مقارنة مع استيراد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب.
لكن رغم صعوبة المهمة، تمكَّن المغرب من التوقيع على اتفاقية “مفاجئة” مع بداية 2022 مع جارته الشمالية إسبانيا، يستفيد من خلالها من الغاز عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي الذي توقَّف عن العمل، حيث سيمر الغاز لكن في الاتجاه المعاكس، من أوروبا إلى أفريقيا هذه المرة.
صرَّحت تيريزا ريبيرا، وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية، أن المملكة المغربية طلبت المساعدة من إسبانيا من أجل ضمان أمنها الطاقي، مؤكِّدة أن بلدها وافق على هذا الطلب.
جاء هذا الاتفاق الذي أعلنت عنه مدريد في 3 فبراير 2022 مؤكِّدا عودة العلاقات المغربية الإسبانية إلى سابق عهدها بعد التوتر الكبير الذي شابها خلال السنة الماضية، إذ صرَّحت تيريزا ريبيرا، وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية، أن المملكة المغربية طلبت المساعدة من إسبانيا من أجل ضمان أمنها الطاقي، مؤكِّدة أن بلدها وافق على هذا الطلب المغربي لأنه كان سيقوم بالخطوة نفسها تجاه أي دولة جارة أو أي شريك إستراتيجي، وأضافت الوزيرة الإسبانية في حديثها عن مصدر هذا الغاز: “المغرب سيشتري الغاز المسال من السوق العالمي قبل أن يصل إلى إسبانيا، حيث سنعمل على إعادته إلى صورته الطبيعية قبل إرساله إلى المغرب عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي” مُكتفية بهذه المعطيات دون الدخول في تفاصيل تخص التوقيت أو الكمية التي ستحصل عليها الرباط من هذه العملية، على الجهة المقابلة، لم يُعطِ الجانب المغربي أي تفاصيل حول هذه الاتفاقية، في حين أكَّدت بعض المصادر أن المفاوضات بين الرباط ومدريد استغرقت بعض الأسابيع للوصول إلى الصيغة النهائية لهذه الصفقة.
ستوفر هذه الصفقة احتياجات المغرب الطاقية ولو مؤقتا، في انتظار وجود حلول أكثر استدامة وأقل تكلفة، وهذا ما تحاول الرباط العمل عليه في سبيل تأمين أمنها الطاقي، وأهم هذه الحلول ستكون دون شك اكتشاف حقول غاز داخل التراب المغربي.
ففي أكتوبر الأول 2019 نشرت مجلة “جون أفريك” تقريرا تحدَّثت فيه عن عمليات التنقيب عن الثروات الطاقية التي أطلقها المغرب منذ بداية الألفية الجديدة بحثا عن موارد جديدة، وذكر التقرير قصة أول اكتشاف للبترول في المغرب بداية الألفينيات بمنطقة “تالنسينت” شرقي المملكة، حينها احتفت الصحافة المغربية بهذا الاكتشاف الذي كان من المُنتظَر أن يضخ 100 مليار برميل من البترول، قبل أن تنتهي الانتظارات بحقيقة مُرَّة مفادها أن حجم البترول لا يتجاوز مليار برميل غير صالحة للاستخدام أصلا.
وأضافت المجلة المهتمة بالشؤون الأفريقية أن المغرب تعلَّم كثيرا من هذا الدرس، وبدأ يتعامل بحذر شديد مع هذه الاكتشافات، ففي شتنبر 2019 أعلنت شركة “Chariot Oil Gas” البريطانية عن توصُّلها إلى اكتشاف مهم يخص الغاز بالقُرب من منطقة العرائش شمال المغرب يصل حجمه إلى 2000 مليار متر مكعب من الغاز القابل للاستخراج، لكن رغم أهمية هذا الاكتشاف، فإن الرباط حافظت على حذرها، خصوصا أن هذه المنطقة سبق أن فُحِصت من طرف شركة “ريبسول” الإسبانية التي قالت إن عملية استخراج الكمية المكتشَفة سابقا (أقل من الكمية المكتشَفة بعد ذلك من طرف الشركة البريطانية) ليست مُربحة.
وفي يناير الماضي، أعلن المكتب الوطني للهيدروكربورات والمناجم عن اكتشاف الغاز بمنطقة “ليكسوس” البحرية الواقعة قبالة مدينة العرائش، فيما لم تُحدِّد الدراسات التي تخضع لها المنطقة بعد كميات الغاز المتوفرة. وأفادت أمينة بنخضرا، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمناجم، في تصريحات صحفية أن عمليات الحفر انطلقت في دجنبر من السنة الماضية لتبلغ عمق 2512 مترا مع نهاية الشهر، وهو ما أكَّد وجود غاز طبيعي في بئر “أنشوا 2″ مُضيفة أن عملية إنتاج الغاز ستنطلق عام 2024 إذا ما تمت الأمور كما تتمنى الرباط.
وبعد 3 أيام من هذا الإعلان الأول، خرجت الشركة البريطانية للحديث عن “اكتشافات واعدة” من الغاز بمنطقة “غرسيف” شمال شرق المغرب، مُضيفة في بيان لها أن الاختبارات التكميلية جارية في سبيل تأكيد الكميات المكتشَفة، لكن رغم هذه الأخبار الجيدة الواردة من مناطق الاستكشاف، فإن الرباط تبحث عن حلول مستدامة قادرة على إمدادها باحتياجاتها الطاقية، إذ إن هذه الكميات المُكتَشَفة من الغاز الموجود داخل التراب المغربي لن تغطي في أفضل الأحوال إلا مناطق محدودة من أراضي المملكة.
في دجنبر 2016 وخلال زيارته إلى العاصمة النيجيرية أبوجا، التقى الملك محمد السادس نظيره محمد بخاري، حيث اتفق الطرفان على إطلاق دراسة جدوى في ماي 2017 في سبيل ربط البلدين بخط غاز ينطلق من نيجيريا ويصل إلى أوروبا مرورا بالرباط، بعد هذه الزيارة بعامين، وفي يونيو 2018 وقَّع البلدان إعلانا مشتركا يهدف إلى تحديد خطوات هذا المشروع الضخم الذي سيمتد على طول 5660 كيلومترا، حيث سيمر بـ 10 دول أفريقية بالإضافة إلى البلدين الموقعين على الاتفاقية، وهو ما سيجعل هذا الأنبوب الجديد، حسب تصريح ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي، أحد الحلول الطاقية المهمة لمنطقة غرب أفريقيا التي تضم مناطق تعيش دون كهرباء. بجانب كل هذا، سيُمكِّن المشروع بلدان غرب أفريقيا من خلق فرص للعمل بفضل هذا المشروع الضخم الذي تبلغ قيمة الاستثمار فيه نحو 30 مليار دولار، كما سيُساهم في الإنتاج الغذائي حيث يمكن استخدام هذه الطاقة في إنتاج السماد، ما يعني تأثيرا مباشرا على الإنتاج الفلاحي ومن ثم محاربة الصعوبات الغذائية التي يعرفها عدد من المناطق الأفريقية.
تعود الأهمية الاقتصادية والبيئية لهذا المشروع حسب فرانسيس بيرين، مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، إلى منحه نيجيريا فرصة تسويق غازها الذي تُنتجه خلال عملية إنتاج البترول، إذ يُفسِّر بيرين هذا الأمر قائلا: “عندما تنتج البترول فأنت مُجبَر على إنتاج هذا الغاز، وعدم وجود أي سوق لهذا الغاز يعني ضرورة حرقه، وهو ما يُسبِّب خسارة اقتصادية ضخمة بجانب أثر ذلك على البيئة” أما بالنسبة للمغرب، فسيكون المكسب مضاعفا، فهو بداية سيتمكَّن من تأمين احتياجاته الطاقية، ثم بعد ذلك سيستفيد قطعا من هذه الشراكة الاقتصادية في إعادة تعريف علاقاته مع نيجيريا التي لم تكن دائما في صفِّه فيما يخص القضايا الكبرى، وعلى رأسها قضية الصحراء، مما سيُتيح للرباط حضورا أوسع في منطقة غرب أفريقيا، وهو ما يتفق من التوجُّهات الجديدة للمملكة في التركيز على البُعد الأفريقي في علاقاتها الخارجية كما هو مُشاهَد خلال الفترة الأخيرة.
لن يقف طموح نيجيريا لخلق شراكات طاقية واقتصادية مع دول شمال أفريقيا عند هذا الحد، بل سيتجاوز الحدود المغربية ليتوجَّه شرقا قليلا، ويحط رحاله في الجزائر التي تعمل هي الأخرى على مشروع خط غاز “نيغال” العابر للصحراء بالشراكة من أبوجا.
بدأت البوادر الأولى لهذا المشروع عام 2002 عبر توقيع مذكرة تفاهم بين الجزائر ونيجيريا، لكن هذا المشروع عرف تأخُّرا في الانطلاق، ليس بسبب عدم إيجاد مصادر تمويل لهذا المشروع الذي سيُكلِّف نحو 20 مليار دولار، ولكن بسبب صعوبة إيجاد السوق القادرة على استيعاب 30 مليار مكعب من الغاز النيجيري، زادت صعوبة إيجاد أسواق لبيع هذا الغاز إثر دخول عدد من المنافسين الأقوياء إلى السوق، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية بفضل تقنية تحويل الغاز الصخري، دون نسيان روسيا التي تُزوِّد أوروبا بغازها بأثمان تنافسية، ورغم أن التحولات الأخيرة في سوق الغاز لا تخدم هذا المشروع الهادف أساسا إلى تصدير الطاقة إلى أسواق خارجية، فإن البلدين أكَّدا سعيهما لتنفيذ المشروع في أقرب وقت ممكن، إذ أكَّد المدير العام لمجمع سوناطراك في شتنبر الماضي الانتهاء من الدراسات التقنية للمشروع، مُستدرِكا: “لكن تبقى الجدوى الاقتصادية متعلقة بالطلب والعرض والأسعار” جاء ذلك قبل أيام من تأكيد “تميبري سلفا” وزير الطاقة النيجيري، أن بلاده بدأت في بناء خط الغاز المار إلى الجزائر متوجِّها إلى أوروبا.
تأتي أهمية هذا المشروع بالنسبة لنيجيريا كونها لن تدفع رسوما للمرور سوى لبلدين اثنين وهما النيجر والجزائر، في المقابل فإن الاكتفاء الذاتي للجزائر من الغاز سيرفع من الكمية التي يمكن للبلاد تصديرها، دون نسيان امتلاك الجزائر شبكة من الأنابيب تتوجَّه نحو أوروبا، ما يعني تقليص تكلفة واختصار مدة الانتهاء من هذا الخط الطاقي، وامتلاكها أيضا لمحطات تسييل الغاز لتصديره بعد ذلك للأسواق البعيدة في أقصى آسيا.
لن يكون هذا المشروع بالنسبة لنيجيريا منافسا لمشروعها مع المغرب، بل ترى أبوجا في المشروعين تكاملا يصب في صالح مشروعها لتصدير غازها الطبيعي، وهذا ما أكَّده تميبري سيلفا على هامش مشاركته في مؤتمر “غازتيك” للغاز الذي أُقيم مؤخرا في دبي الإماراتية، إذ علَّق على أخبار استبعاد أحد المشروعين لصالح الثاني: “يمكننا إنجاز المشروعين على التوازي، الغاز الذي سيمر عبر المغرب سيُنقل إلى أوروبا، فيما سنوجِّه الغاز الذي سيصل إلى الجزائر إلى دول أفريقية” وهو ما فسَّره مراقبون برغبة نيجيريا في الاستفادة من أواخر العهد الذهبي لهذا المصدر الطاقي، في ظل وجود أنواع أخرى بدأت تظهر وعلى رأسها الموارد المتجددة للطاقة.
أوروبا المستفيدة دائما
تُراقب أوروبا تطور المشاريع الأفريقية الخاصة بالغاز عن كثب، إذ تسعى القارة العجوز منذ سنوات لتنويع مصادرها من الطاقة بدلا من الاعتماد على روسيا التي تستعد لحرب مع أوروبا في الوقت الحالي بسبب الأزمة الأوكرانية الأخيرة. ففي وقت سابق، بدأت أوروبا في التعامل مع أذربيجان، كما طوَّرت شراكتها مع كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وقطر، وهي تطمح بعد ذلك إلى ضم الموردين الأفارقة إلى قائمها مُزوِّديها بالغاز.
في المقابل فإن روسيا التي لا تُحبِّذ كثيرا أن يزيد منافسوها على السوق الأوروبي مخافة الاستغناء عن ثرواتها الطبيعية، تراقب كل هذه التطورات للعمل على حماية مصالحها الاقتصادية، لكن هذه الحرب الطاقية الباردة وصلت ربما إلى نهايتها مع بداية المواجهات على الساحة الأوكرانية، حيث بدأت أوروبا والولايات المتحدة الأميركية لعب ورقة العقوبات الاقتصادية، إذ أعلنت ألمانيا تعليق خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الذي كان يربط ألمانيا بروسيا عبر المجر، وذلك بعد ساعات قليلة من مُطالبة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أوروبا بقطع هذا الشريان الطاقي الحيوي الذي يُتيح لموسكو تصدير فائضها من الغاز.
ستصب هذه المشكلات السياسية دون شك في صالح المشاريع الأفريقية في حال تطوَّرت الأوضاع وقاطعت أوروبا موارد روسيا الطبيعية، صحيح أن الكميات التي تُصدرها أفريقيا وعلى رأسها نيجيريا لن تغطي جميع احتياجات أوروبا من الطاقة، لكن هذه الأزمة ستُتيح لها على الأقل بيع جميع الكميات التي ستتمكَّن من استخراجها بعد أن كانت حتى الأمس القريب لا تجد أسواقا مفتوحة لتصديرها، ما يعني فرصا أكبر لهذه المنطقة للاستفادة من عائدات طاقية تساهم دون شك في محاولة تنمية الغرب الأفريقي.
قد يعجبك ايضا
- Facebook Comments
- تعليقات