الأستاذ مصطفى فوزي خطيب مسجد إبراهيم الخليل بتراب عمالة مقاطعات عين الشق سيدي معروف
الحمد لله الحي القيوم الدائم الذي لا يزول هو الأول فليس قبله شئ والآخر فليس بعده شئ والظاهر فليس فوقه شئ يقلب الليل والنهار، عبرة لأولي الأبصار ويداول الأيام بين الناس:”وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين”.
أشهد أنه الله الذي لا إلاه إلا هو وحده لا شريك له. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله. أفضل من خاف ربه وصلى فرضه وصام شهره وحج بيته فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع هداهم إلى يوم الدين.
أما بعد عباد الله
اللهم إنا نسألك القبول في الصيام والقيام، اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقياك، اللهم إنا نسألك الخير العميم في شهر القرآن، اللهم إنا فقراء إليك فلا تردنا خائبين. آمـــــــــــــين
شهر رمضان عزم على الرحيل ولم يبقى منه إلا القليل، لقد عزم شهر الصيام على الرحيل فمن كان قد أحسن فيه فعليه بحسن الختام فإن الاعمال بالخواتيم كما صح عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم، ومن كان قد فرط فيه فليختمه بالحسنى فالعمل بالختام فتزودوا منه ما بقي من الليالي، واستودعوه عملا صالحا يشهد لكم به عند الملك العلام الذي ينادي عباده:”يا عبادي إنما هي اعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه” رواه مسلم.
أيها المسلمون، هذا شهر رمضان قد قرب رحيله عنكم فمن كان منكم محسنا فليحمد الله فهذا من فضل الله وتوفيقه ولا يغتر الانسان من طول قيامه وبقيامه وبتلاوته القرآن فإن الله عز وجل هدانا صراطا مستقيما فهو الهادي إلى سواء الصراط.
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فلا يتسربن الغرور إلى إنسان صام رمضان وختم القرآن بل عليه أن يحمد الله تعالى كثيرا وليتذكر الساعات التي ضيعها بغير ذكر الله تعالى.
عباد الله
من فعل خيرا في هذا الشهر فليشهد الله، من تصدق أو صام أو قرأ القرآن فلينتظر عظيم الثواب من الملك الوهاب إن شاء الله تعالى.
من كان مسيئا فيه فلا نقل إن باب التوبة قد تم إقفاله، فليتب إلى الله تعالى توبة نصوحا فإن الله تعالى يتوب على من تاب وإنما الأعمال بالخواتيم فليحسن الختام لعل الختام يغطي على الابتداء فإن الله عز وجل إذا رأى من عبده خيرا في نهاية عمله ختم له بالخير إن شاء الله تعالى.
أيها الاخوة، إن كان في النفوس زاجر وإن كان في القلوب واعظ فقد بقيت من أيامه بقية وأي بقية، إنها العشر الأواخر، بقية كان يحتفي بها نبيكم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد كان صلى الله عليه وسلم: في العشرين الأولى يخلطها بصلاة ونوم فإذا دخلت العشر اجتهد وشمر وشد مئزره وهجر فراشه وأيقظ أهله، يطرق الباب وهو يتلو قول الله تعالى: “وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى”
ويتجه إلى حجرات نسائه آمرا “أيقظوا صواحب الحجر فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة” البخاري
أيها المسلمون، اعرفوا شرف هذا الزمان الذي يعيشونه هذه الأيام فإحسان الظن ليس بالتمني ولكن إحسان الظن بحسن العمل والرجاء في رحمة الله مع العصيان، نوع من الحمق والخذلان، والخوف ليس بالبكاء ومسح الدموع ولكن الخوف بترك ما يخاف منه العقوبة.
أيها الأحبة، قدموا لأنفسكم واجتهدوا وتضرعوا، تقول امنا عائشة رضي الله عنها: يارسول الله: أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول فيها قال قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله حمد الذاكرين لنعمه وآلائه وأصلي وأسلم على أفضل خلق الله وسيد الخلق اجمعين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه.
يا أحباب رسول الله:
الدعاء الدعاء، فقد قال ربكم عز شأنه: إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون”.
أتعلمون من هم هؤلاء العباد؟ إنهم عباد مخصوصون إنهم عباد الدعاء عباد الإجابة، إنهم السائلون المتضرعون سائلون مع عظم رجاء ومتضرعون في رغبة وإلحاح.
إن للدعاء أيها الأحباب أثر عجيب وعظيم في حسن العاقبة وصلاح الحال والمآل والتوفيق في الأعمال والبركة في الأرزاق، إن نزع حلاوة الدعاء والمناجاة من القلب أشد ألوان العقوبات والحرمان، ألم يستعد النبي صلى الله عليه وسلم من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعاء لا يسمع.
إن أمل الدعاء الموفقين حين يتوجهون إلى ربهم بالدعاء، يعلمون أن جميع الأبواب قد تغلق في وجوههم إلا بابا واحدا هو باب السماء باب مفتوح لا يغلق أبدا، فتحه من لا يرد داعيا ولا يخيب راجيا فهو غياث المستغيثين وناصر المستنصرين ومجيب الداعين سبحانه وتعالى.
أيها المجتهدون أيها المتنافسون اجتمعت في هذه الأيام أوقات فاضلة وأحوال ضريفة، العشر الأخيرة من رمضان جوف الليل والأسحار من رمضان، أحوال السجود وتلاوة القرآن ومجامع المسلمين في مجالس الخير والذكر، كلها تجتمع في أيامكم هذه، ألحوا بالدعاء رحمكم الله، سلوا ولا تعجزوا ولاتستبطئوا الإجابة فيعقوب عليه السلام فقد ولده الأول ثم فقد الثاني ما زاده ذلك بربه إلا تعلقا:”عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم”
ونبي الله زكرياء عليه السلام كبر سنه واشتعل بالشيب رأسه ولكن رجاءه في رب العزة كان كبيرا فقال:”ولم اكن بدعائك رب شقيا”.
يا عباد الله ربك يحب تضرعك ويحب صبرك ويحب رضاك بأقداره رضا بلا قنوط، يبتليك بالتأخير لتدفع وسواس الشيطان وتبعد تأثير النفس الامارة بالسوء وليكن قدوتك في ذلك سيد الخلق صلى الله عليه وسلم القائل:”يستجاب لأحدكم مالم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب إلي” البخاري.
أيها المسلمون: أوقاتكم فاضلة في هذه الأيام وغالية فاشغلوها بالصلاة والدعاء وتحروا في هذه الأيام وخصوصا الليلي الوتر منها فرصة عظيمة ألا وهي ليلة القدر :”وما أدرك ما ليلة القدر”
من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، إنها ليلة خير من ألف شهر، خفي تعيينها اختبارا وابتلاءا ليتبين العاملون وينكشف المقصرون فمن حرص على شئ جد في طلبه وهان عليه ما سيلقى من عظيم تعبد، إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء:”فيها يفرق كل أمر حكيم”
فاتقوا الله رحمكم الله واعملوا وجددوا وأبشروا وأملوا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر”.
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فإن تقوى الله منجاة من النار:”إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون”.
فاتقوا الله رحمكم الله وقوا أنفسكم وأهليكم نارا فإن الشقي من حرم رحمة الله.
فاللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا، وسائقنا وقائدنا إلى رضوانك وجنانك جنات النعيم.
كما نسأله تعالى القبول والمعونة وحسن التوفيق وأن يختم لنا جميعا بخير وأن يصرف عنا من الشرور والفتن والبلايا ما لا يعرفه غيره وأن يجعل عاقبة امرنا رشدا.
فاتقوا الله عباد الله واذكروا على الدوام أن الله تعالى قد امركم بالصلاة والسلام على خير الانام فقال: “إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”
هذا ولنجعل مسك الختام، وتمام الكلام، صلاة وسلاما على المبعوث رحمة للأنام سيدنا محمد عليه السلام، اللهم صل عليه وعلى آله الكرام، وصحابته الأعلام، صلاة دائمة بدوامك، باقية ببقائك، لا منتهى لها دون علمك، ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين، وارض اللهم عن آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار، خصوصاً منهم الخلفاء الأربعة الراشدين، وباقي العشرة المبشرين، وزوجات رسول الله أمهات المؤمنين، وكل الصحابة من الأنصار والمهاجرين.
اللهم انفعنا بمحبتهم ولا تخالف بنا عن نهجهم واحشرنا في زمرتهم.
وانصر اللهم مولانا أمير المؤمنين، وحامي حمى هذا البلد الأمين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اللهم انصره نصراً عزيزاً تعز به الدين، وتعلي به راية الإسلام والمسلمين، واحفظه اللهم في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، كما نسألك أن تشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير السعيد مولاي رشيد، وبسائر أسرته الملكية الشريفة.
اللهم تغمد برحمتك الواسعة مولانا محمد الخامس ومولانا الحسن الثاني؛ اللهم طيب ثراهما وأكرم مثواهما وبوئهما مقعد صدق عندك، كما نسألك أن تشمل برحمتك جميع أموات المسلمين والمسلمات يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
}ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم{.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين