ألقى فضيلة الأستاذ الشيخ مصطفى فوزي، – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: “معركة الحق مع الباطل”، والتي تحدَّث فيها عن الصراع الدائم بين الحق والباطل، مُبيِّنًا عداوة الشيطان لبني آدم وسلوكه كل الوسائل والسبل التي يصرفُه بها عن طريق الحق ومنهج الله
الحمد لله كتب العزة للمؤمنين، أحمده سبحانه وهو القائل “فاصبر إن العاقبة للمتقين” وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له أمرنا أن نكون أنصارا للحق أعداء للباطل، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، أخمد بسيف الحق عددا من المعتدين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم من أجل نصرة الحق فانتصر ووقفوا في وجه الباطل فاندحر فرضي الله عنهم أجمعين.
أما بعد،
عباد الله يقول الله الكريم:”الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عن سيئاتهم وأصلح بالهم”.
أيها الإخوة في الإسلام، ان المعركة التي لا تنطفئ نارُها ولا تزال مشتعلة إلى قيام الساعة، هي معركة الحق مع الباطل، معركة الإيمان مع الكفر والإلحاد والطغيان، معركة السنة المحمدية مع بدعة المبتدعين الضالين:”الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت”.
ومعركة الحق مع الباطل لم تكن وليدة اليوم وإنما هي فصول يقصها القرآن في أدوار مختلفة من أهمها وأشدها ما كانت بين سيد المرسلين وخاتم النبيئين وبين الكفار من قريش الذين واجهوا الرسول صل الله عليه وسلم من أول يوم بعثه الله فيه نبيا ورسولا للعالمين فأرادوا ان يمنعوا رسول الله من تبليغ رسالة ربه وأن يطفئوا نور الله قبل انتشاره في أرض الله ولكن هيهات هيهات، فالله عز وجل وعد حبيبه ورسوله بالحفظ والنصر المبين فقال تعالى : “والله يعصمك من الناس”.
كما وعد سبحانه وتعالى نوره بالبقاء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها رغم أنف أعداء الله وأعداء الإسلام:” يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون”.
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون”.
عباد الله، لم يخل زمان أو مكان من معركة الحق مع الباطل ودائما في النهاية ينتصر الحق وينهزم الباطل ولو بعد حين، فهذه سنة الله مع الأولين والآخرين، ولما التحق الرسول الكريم بالرفيق الأعلى ترك وراءه رجالا “صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.
فتحملوا الأمانة من بعده، أمانة التضحية في سبيل الله من أجل تبليغ رسالة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أهل الأرض أجمعين فأيدهم الله بنصره المبين فبلغوا دين الله فنصرهم الله: “وما النصر إلا من عند الله، ان الله عزيز حكيم”.
كانوا مع الحق فكان الله معهم، وبقي الحق عاليا في ديار الإسلام إلى أن ابتعد الخلف عن دينهم وتركوا الحكم بكتاب ربهم وهجروا سنة نبيهم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأصبح الإسلام محاربا من طرف أعدائه واتبع أبناء الإسلام طريق أعدائهم وأعداء دينهم ونسوا الله فنسيهم فانتصر الأعداء على المسلمين المتخاذلين، أما الإسلام دين الله فلم ينهزم، ولن ينهزم أبدا، بل سيبقى صامدا ما بقيت الدنيا، هذا وعد الله ولن يخلف الله وعده، فالواجب على المسلمين أن يعودوا إلى دينهم ليعود إليهم نصرهم، وأن يرجعوا إلى سنة نبيهم لتعود إليهم عزتهم وكرامتهم يقول عليه الصلاة والسلام: “تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك” رواه ابن أبي عاصم بإسناد حسن.
وقال عليه الصلاة والسلام:” من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد”. رواه البيهقي.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين..
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى والرشاد فأظهره على الكفر وأهل العناد، أحمده سبحانه وأشكره على نعمائه في اليقظة والرقاد وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك ولا أنداد وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله جاهد في الله حق جهاده باليد واللسان والسنان حتى ظهر دين الله بين العباد، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم المعاد.
عباد الله: ثبت عن الرسول صل الله عليه وسلم أنه قال: “إنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم”.
وهذا الحديث يدعو إلى الحذر والانتباه والحرص على التمسك بالكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة التي نطق بها رسول الهدى محمد صل الله عليه وسلم.
وألا نتغافل عن أمر الدين وأحكامه العادلة في العقيدة والعبادات والمعاملات وفي الاقتصاد والاجتماع والثقافة والاعلام والسياسة والتعامل وألا نتعامى عن أخلاقه الحميدة وآدابه الرفيعة وأن نحذر من الوقوع في المعاصي والسيئات والركون إلى الدنيا وشهواتها وملذاتها حتى يؤدي بنا ذلك إلى الغفلة عن الدين وأحكامه.
إننا عباد الله في زمان اشتد فيه غيض الكفار وأعداء الإسلام من الداخل والخارج على المسلمين وعقيدتهم الصحيحة بل وشمر الأعداء عن ساعد الجد لإيجاد الفرقة والخلاف بين المسلمين، بلادا ومجتمعات وحكاما ومحكومين حتى يعيش المسلمون في وضع يسر العدو ويحزن الصديق فيتمكن الأعداء من النفوذ إليهم وبالتالي صد المسلمين عن دينهم الذي به فلاحهم وفوزهم في الدنيا والآخرة أو إبادتهم والقضاء عليهم.
أيها المسلمون:
عليكم أن تدركوا هذا جيدا وتعلموا أنه أمر يدبر لكم بالليل قبل النهار فلا مجال للهو واللعب ولا مجال للعصيان والإساءة ولا مجال للغفلة والصدود، لا تجمعوا على أنفسكم ضعفا ماديا ومعنويا وضعفا دينيا وعقائديا يستغله أعداء هذا الدين ولا يليق بنا عباد الله أن نهمل مصدر عزتنا وكرامتنا في هذا الدين القويم دين رب العالمين فنخشى المعاصي والسيئات ونلهو ونلعب وننشغل بالدنيا وشهواتها عن طاعة الله وعبادته والدعوة إليه فنكون بذلك في عون الأعداء علينا من دون أن نحس ونكون كذلك معاول هدم لمجتمعاتنا وديننا القويم الذي أهملناه فأصبحنا الفريسة الأولى والطعم الشهي لأعداء الإسلام.
لقد حان الوقت عباد الله لتعلموا أن الحاجة ماسة إلى التكاتف جميعا ونبذ الفرقة والخلاف والوقوف صفا واحد وقلبا واحدا حكاما وعلماء ودعاة وشعوبا والحفاظ على ثوابت الامة : الإسلام وامارة المؤمنين ومذهب مالك والعقيدة الاشعرية ، وصد كل ما يدعو إلى الفرقة والخلاف وأن تكونوا على علم بما يدبر لكم بصرف النظر عمن يقوم بدور الشر والفساد، فالعبرة بالعمل لا بالعامل والله عز وجل بين لنا في القرآن صفات المنافقين ودورهم في إفساد المجتمع المسلم ولم يذكر لنا أسماءهم لان المقصود هو العمل لا من يقوم به.
عباد الله، إن المصلحة الان في تقوية العلاقة بين الشعوب والحكام والدعوة لهم بالصلاح والهداية والتثبيت، وأن نضع أيدينا في أيدي ولاة امورنا وعلمائنا ودعاتنا الاخيار وندعو لهم ونكون لهم عونا للجميع في أداء اعمالهم بما يعود على البلاد بالخير والصلاح ونكون أمناء في أعمالنا متعاونين على البر والتقوى والإحسان فالله عز وجل يقول:” إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون”.
واعلموا أن المجتمع المسلم لا يقوم إلا على هذه الركائز الثلاث وهي الحاكم والعلماء وسائر الرعية، فمتى توحد الجميع على الخير والصلاح سادت المحبة والمودة بينهم وصاروا صفا واحدا أمام جحافل الهدم والتدمير والتخريب من الداخل والخارج، وعلينا أن نحذر أعداء الدين والوطن مهما تظاهروا به من حب للخير والصلاح لنا، فإن الظاهر الرحمة والباطن فهو العذاب المر والحقد الدفين ولا عز لنا ورفعة إلا في الإسلام ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.
قال تعالى:” ولله العزة والرسول وللمؤمنين”.
اللهم اجعلنا على البر والتقوى متعاونين وعلى الحق والهدى متحدين، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أعداء الدين وندرأ بك في نحورهم يارب العالمين، اللهم اجعل كيدهم ومكرهم وخططهم وبالا عليهم ونكالا إلى يوم الدين.
اللهم زلزل الأرض من تحتهم حتى يكونوا عبرة للمعتبرين، اللهم خالف بين قلوبهم وفرق كلمتهم واجعلهم عظة للمتعظين إنك ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم اجعل مجتمعنا خاصة صالحا آمنا وسائر مجتمعات المسلمين، اللهم احمه من المنكرات وأهلها، اللهم من أراد بمجتمعنا ومجتمعات المسلمين بشر وسوء فاجعل شره وسوئه في نحره يارب العالمين آمين..
ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
وانصر اللهم أمير البلاد جلالة محمد السادس امير المؤمنين نصرا عزيزا تعز به الدين كفى بك وليا ونصيرا يا خير الناصرين وارزقه اللهم البطانة الصالحة وبارك في ولي عهده وبارك في اعماله آمين.
والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.