التأثير الغائب للجالية المغربية بالولايات المتحدة الأمريكية…لماذا؟

الأخبار المغربية/ عبدالمجيد مصلح

ما هي الآفاق المستقبلية للمسيرة الاغترابية المغربية في الولايات المتحدة الأمريكية؟

الجالية المغربية المقيمة بأمريكا سائرة على درب النجاح، وإن كانت تطبعها النجاحات الفردية المشتتة وليس الجماعية، لكن في المدى الطويل ستنظم نفسها وستنتقل إلى مرحلة من النشاط والسعي الجماعي لخدمة وطنها وخدمة مصالحها ضمن ديناميكية المجتمع الأمريكي..فغياب تأثير الجالية المغربية، رغم حجمها المتوسط في بلد كالولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لبلادنا يعبر عن إخفاق وفشل وهزيمة والسبب هو غياب السفير والقنصل العام والأجهزة العاملة بجل الولايات، وذلك على جميع الأصعدة والمستويات وفي كل المجالات فمثلا على الصعيد الاعلامي نسجل غياب قناة مغربية موجهة للجالية، ولا تربطهم بوطنهم عدى بعض المهرجانات الموسمية، أما سياسيا بما يمكنهم خدمة بلدهم في بلد كأمريكا فهذا غير موجود ثانيا الجالية غير ممثلة فعليا في مجلس الجالية رغم تكرار اسم من الولايات المتحدة الامريكية، وهو اسم غير معروف ولا يتواصل إلا مع السفير أو القنصل العام أو الأجهزة وهذا خطأ كبير جدا وأكيد أن من يمثل الجالية سواء بأمريكا أو أوروبا فهو يستفيد من عدة امتيازات وسفريات وراتب شهري سمين، وعوض أن يكون من يمثل الجالية المغربية المقيمة بأمريكا متفرغ ويسافر شرقا/غربا وشمالا/جنوبا، للتعرف على الجالية المشتتة ومساعدتها بتأسيس جمعيات في كل ولاية ومدينة بل وفي كل منطقة، صحيح أن المتتبعين يعتبرون الجمعيات جهاز جوسسة لصالح الدولة الأم، لكن وبحكم العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، سيكون تأسيس هذه الجمعيات في إطار الاندماج خصوصا مع وجود الجيل الرابع.
فالجالية المغربية مفرقة وغير مهيكلة وغير منظمة كالجاليات العربية وخصوصا الفلسطينية، عندهم المال لكن لم تستفد منه بلدهم فلسطين أو الأردن، كما تتوفر الجالية الفلسطينية على العلماء والخبراء والأساتذة والباحثين والمفكرين مداخليهم خيالية يملكون أموال ضخمة ويستثمرون كل أموالهم في الولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي في الصف الأول الجالية اليهودية متحدين ومدعومين من حكومتهم تجدهم متحمسين في السياسة يستطيعون ترجيح كفة هذا على الآخر في الانتخابات الرئاسية وغيرها من الانتخابات في كل الولايات بما فيها بورتوريكو والمكسيك.
أما الجالية المغربية هي حاضرة غائبة وغير مرغوب فيها من طرف بلدهم الأصلي باستثناء أموالهم، الجالية المغربية في أمريكا مهمشة من قبل القنصليات، أنا لا أتهم الدولة لأنه من غير مصلحتها أن لا تكون مساندة من طرف أبناءها في الخارج، وأنا متأكد أن الدولة المغربية تحرص كل الحرص على هذا الجانب وتحاول تسهيل الخدمات على الجالية المغربية، لكن المشكل الحقيقي هو في ممثلي القنصليات، الغائبين في المحافل التي ينظمها المغاربة من جيوبهم الخاصة، بل ليس للعاملين بالقنصلية علم بتحركات جالية الدولة الوهمية (البوليساريو)، التي وإن كانت قليلة جدا لكنها فاعلة وتعمل بجد ونشاط وخير دليل على ذلك هو مشاركتهم في كل الأنشطة التي تنظمها الجاليات العربية والأمريكية، تجدهم متحمسين للتعريف بقضيتهم التي يؤمنون بها وبرعوا في ذلك (ولدينا ما يتبث)، لو وجدت الجالية المغربية، سفارة وقنصلية فاعلة تسهر على توعية المهاجرين وتعقد معهم لقاءات وندوات دورية للإرشاد لكانت من أقوى الجاليات، المملكة المغربية غائبة وغالبية المقيمين بالولايات المتحدة الأمريكية متذمرين من الطريقة التي يتعامل بها القنصل في نيويورك أو واشنطن العاصمة، وعندما يقصدون القنصلية لاستخراج وثائق إدارية يتم التعامل معهم بعنجهية.
كان ل”الأخبار المغربية” شرف اللقاء بأستاذ جامعي في ولاية نيويورك: “بالرغم من العنصرية والتمييز على الأقل في أمريكا إذا اندمجت وكنت تتقن اللغة الانجليزية يحترمونك، والانتخابات نزيهة ويعاملوننا أحسن معاملة، أما كل ما هو مغربي، التذاكر خيالية والقوانين عنصرية تمنعنا من المشاركة في بناء وطننا والاستفادة من خبرتنا، وإذا فعلت فستضر مصالح البارونات والصعاليك والانتخابات في البلاد هي مسرحية وغطاء أما إذا استثمرت مالك فنهايتك ستكون السجن لا محالة…وهناك قصص كثيرة وكثيرة لمغاربة حاولوا أن يستثمروا بل استثمروا وخسروا كل أموالهم وكانوا جد محظوظين بعودتهم لأمريكا سالمين”.
سيقول قائل بأن الجالية المغربية، مسكينة مهجورة ومسالمة (كتجري على طرف الخبز في ديار الغربة) أعني العيشة الطبيعية بكل احترام والأهم من هذا كله هو العدل الذي لو وجدوه في بلدهم الأم ما هاجروا وما كانوا عرضة لعدة مضايقات، وكاذب من يقول بأن الجالية المغربية المقيمة بأمريكا وأبنائهم يعتبرون المغرب أكثر من بلد الجذور المنحدرين منه أما أي شيء آخر لا يعنيهم، لهذا قبل تعيين أي مسؤول أو أي قنصل أو سفير عليكم اختبار قدراته والأهم من هذا أن يكون مسؤول اجتماعي (open mind).
ما يجب أن يعرفه المغرب هو أن الجالية المغربية هي أفقر الجاليات، والقلة القليلة التي حباها الله بالمال هي صورة طبق الأصل لما هو موجود في البلد الأم، لذلك لا نستغرب لعدم تأثير الجالية في النظام الأمريكي، وما دمتم كجهاز ودولة لا تهتمون فذلك لأنها في نظركم يسكن عقلها الجهل والأمية والتخبط مثل الحكومة الحالية والسابقة، والسؤال…كدولة هل يؤثر في السياسات الخارجية؟ أم أنها محل السخرية والمضحكة والاحتقار..؟
إن الإطار الذي كان يمثل قناة الربط بين الدولة ورعاياها في أمريكا، ممثلا في جمعيات لمغاربة غالبيتهم انتقل إلى دار البقاء، واندثر في أعقاب التحولات السياسية التي شهدها المغرب وما سمي آنذاك بالربيع العربي، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة انقطاع التواصل بين الطرفين، مادام هناك آليات أخرى للتواصل مثل القنصليات وجمعيات المجتمع المدني، التي تتلقى دعما بطريقة أو بأخرى من دوائر مغربية.
الحكومة الأمريكية على علم أن المملكة المغربية بلد محوري في شمال إفريقيا، ويتمتع بكل الإمكانيات المادية ليكون دولة قوية وفاعلة، والجالية المغربية في أمريكا باعتبارها من أكبر الجاليات العربية، تجعل من المغرب دولة مهمة في العلاقات المغربية الأمريكية مقارنة بالدول الأخرى بما فيها دول المغرب العربي، ولذلك يمكن القول أن هذا الأخير يحظى باهتمام كبير من قبل بعض المترشحين الأمريكيين الراغبين في دخول البيت الأبيض، وللأسف لم توظف الجالية إمكانياتها الكبيرة باعتبار أنها جالية في أمريكا من أجل الضغط لتحقيق مصالحها هناك على عكس بعض الأقليات التي تسعى للتموقع في الخارطة الأمريكية، (البوليساريو/الأمازيغ اليهود/الأمازيغ المسيحيين) وتكون بذلك عنصرا فاعلا في صنع القرار، والسبب برأيي هو غياب الإطار الرسمي وغير الرسمي لمتابعة الجالية وتنظيمها كقوة سياسية داخل المجتمع الأمريكي لتدافع عن انشغالاتها، وتكون ورقة سياسية رابحة في يد المغرب.

قد يعجبك ايضا
Loading...