قصة بنطازوت الملاكم الذي قضى 22 سنة خلف القضبان
عبدالمجيد مصلح
عودة إلى الحقيقة من دهاليز ملف جريمة قطع رأس الأستاذ، ما علاقة القاتل بالمقتول؟ لماذا لف حبل التهمة في عنق بنطازوت؟ ولماذا كان يسأل بنطازوت أثناء مراحل البحث عن القاتل (واش لقاو شكون قتل)؟ لماذا لم يفك عبداللطيف مؤديب خيوط هذه الجريمة عندما كان رئيسا للشرطة القضائية؟ كيف دخلت الفرقة الوطنية على الخط؟ هل في علم الرأي العام الوطني أن قطع الرؤوس في القنيطرة والنواحي تلك الفترة بالضبط تكرر عدة مرات؟
موقع “الأخبار المغربية” يدعوكم للمشاركة بشيء من التتبع الرزين ونُركب صورة هذه الجريمة وما علاقة بنطازوت والعدل والاحسان والسلفيين بالجريمة..
أسئلة هتشكوكية فعلا تناساها ساكنة القنيطرة الذي عاش أحداث هذه الجريمة التي حصلت في مرحلة شهدت فيها القنيطرة ظاهرة قطع الرؤوس ولعل ملفات الشرطة القضائية برئاسة عبداللطيف مؤديب تحتفظ بذلك .
في منطقة الساكنية حيث مزرعة الأحياء القصديرية ودوار العالمة وحي وريدة ودوار الحلوف ولابيطا وغيرها من الأحياء التي عشش فيها الإجرام والفقر وقلة الحيلة وترعرع فيها السلفيين المعتدلين وأصحاب الدعوة ودكاكين المكاتب الإسلامية هنا كانت الثانوية التي وجد فيها رأس الأستاذ الذي قيل عنه أنه كان ملحدا، وبمجرد انتشار خبر قطع رأس الأستاذ، توجهت بوصلة التهمة إلى العدل والاحسان والسلفيين بحكم أن الحي القصديري كان بجاور الثانوية ودب الخبر في المدينة حتى انتشرت الإشاعات عن أن هذا الأستاذ نفذ فيه الحد بقطع رأسه، وفتح باب البحث عن القاتل حتى اختفى خيط الحقيقة وتأكد من أن هذا الرجل لا علاقة لموته بأي جماعة، لينعرج التحقيق في وسط العائلات والأعداء المفترضين لتظهر ملفات أخرى لا علاقة لها بالجريمة لكن علاقتها ارتبطت بالخيانة والجنس والفساد، وانعرج البحث مرة أخرى في قضايا أخرى لتتبعثر خيوط الجريمة الكبرى ولربما كانت من الأسباب التي دفعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الدخول على خط التحقيق .
كانت القنيطرة في فترة عبد اللطيف مؤديب – الذي لا تعرفه المواقع التي هرولت لخبر الإفراج عن بنطازوت ولا تعرف شيء عن جريمة تقطيع الأستاذ وما علاقة بنطازوت به وقت حياته – في هذه الفترة بالضبط كانت (لابيجي) تعرف ازدهارا كبيرا حيث أطاحت بعشرات تجار المخدرات ومروجي الخمور وماء الحياة وآخرهم عمالقة الكوكايين الكولمبيين ربابنة السفينة التي جرها الموج إلى ميناء المهدية حيث سقط أباطرة (الكوك) في يد شرطة القنيطرة، تلك هي الفترة التي لاحت فيها جريمة الأستاذ الذي كانت تربطه علاقة مع بنطازوت قيل أنهم كانوا شركاء في تجارة ما وكان هذا الأستاذ القتيل يتمتع بصحة فولاذية وبنطازوت كان ملاكما صنديدا واجتمعت القوة الجسمانية في الرجلين فكيف يسقط الأستاذ قتيلا وبعدها مذبوحا ثم مقطعا أجزاء..
تحكي الرواية كما رواها أحد المتتبعين لملف الجريمة أن الأستاذ القوي البنية لربما حصل بينه وبين بنطازوت خلاف ما على أمر ما حينما دخل بنطازوت السجن بسبب شيك بدون رصيد كما يحكي الراوي على عهدته، ويُضيف أن بنطازوت كان كمثل بقية ساكنة القنيطرة يسأل في فضول هل لازال القاتل طليقا؟ وهل الشرطة لازالت لم تتوصل إلى فك لغز خيوط القضية، وظل البحث جاريا إلى أن دوى خبر إعتقال بنطازوت بتهمة قاتل الأستاذ وهنا انفجرت التساؤلات وبدأت تحليلات الناس والفضوليين تسقط كالنيازك على أطوار هذا الملف حيث قيل أن الذي قطع الجثة بهذه الاحترافية قد يكون جزارا ماهرا حيث أنه كتم الدم في جسم الضحية بعدما استعمل السلك في مفاصل الجسد وللتمويه فقد رمى بالرأس أمام الثانوية ليجر التحقيق في ملعب الإسلاميين ورمى بالأطراف الأخرى خلف الحي الجامعي وأخرى في جهات مختلفة، ويحكى أن الشرطة العلمية أثبتت بالدليل العلمي أن الأستاذ تلقى ضربة قوية في فكه هي التي أفقدته الوعي وهي لكمة لابد أن يكون صاحبها مفتول العضلات أو يثقن الضرب بالكاو والقتيل لم يكن في حالة سكر أو تحت تأثير مخدر، لكنه تلقى ضربة نصف هوائية غيبته عن الوعي لتبدأ بعدها عملية الربط بالأسلاك والتقطيع بالمنشار، إذن هل تكون هذه التحليلات هي من أسقطت بنطازوت في زنزانة الاعتقال وهل الرجل اعترف أو انتزعت منه اعترافات؟ أو أنه سقط في فخ التحقيق بجملة أو خطأ لفظي، وهل اعتمدت الفرقة الوطنية على ما يفيد الإدانة كمثل الملابس والدم وغيرها؟ أسئلة ظلت موصدة 22 سنة ليتم الإفراج عن بنطازوت الذي قيل أنه رفض العفو مرتين، وتم تفسير ذلك ببراءة المتهم (…) .
ونحن من باب الفضول ومن باب التتبع ثم من باب ما صرح به بنطازوت نبقى خارج أسوار الحقيقة، لكننا وبعد النبش في طبيعة علاقة القاتل بالمقتول، حاولنا جمع عناصر قد لا تفيد لا التحقيق ولا المتهم، لكن تفيد ذاكرة جناية كبرى لا نعرف عن تفاصيلها وجزئياتها شيء لكننا سافرنا مع من عايشوا فترة قطع رأس الأستاذ ولربما كتبوا عنها أسطرا وصفحات واليوم نعيد كتابة الملف بلسان من عايش هذه الجريمة التي لم يبقى منها إلا صورة أستاذ قيل أنه ملحد وقيل أنه قتل من طرف المتشددين وقيل أن المسألة تصفية حساب قديم مس العرض وقيل أن هذا الأستاذ تجاوز خطوطا حمراء فتحت جميع الملفات ليبقى فيها ملف واحد هو أن القاتل هو بنطازوت الذي رفض العفو مرتين ورفض التهمة التي نطق فيها القضاء بحكم نهائي ليبقى السؤال المحير من قتل الأستاذ؟ ولماذا رست سفينة البحث في ميناء بنطازوت ليقضي مدة حبسية تجاوزت العشرين سنة؟، فمن قتل الأستاذ إذن طالما أن الجمهور القنيطري يعتبر بنطازوت بريئا والقضاء يؤكد التهمة فهل فعلا بنطازوت بريء وهل هذا الملف سيطويه النسيان كما طواه 22 سنة.