الأخبار المغربية تنفرد…بتفاصيل الحراك الريفي بأوربا الظاهر والمخفي في انشقاقات تنسيقية الريف بالخارج
الأخبار المغربية تنفرد…بتفاصيل الحراك الريفي بأوربا الظاهر والمخفي في انشقاقات تنسيقية الريف بالخارج
مكتبنا ببروكسيل
يدخل حراك الريف يومه المائتان والخمسون وقبله شهر ونصف بعد حادث (طحن مو) الذي راح ضحيته محسن فكري، هذا الأخير اعتبره ساكنة الحسيمة (المتربصون)، إشارة خاصة على أن هناك شئ ما يُدبر، في حين اعتبرته الدولة المغربية، الشماعة التي وضعوا فوقها كل أنواع العداء والكره والعصيان، حيت لعب هذا الحادث دورا أساسيا في إخراجهم من جحورهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة…من هو المستفيد الأكبر من حراك الريف داخل المملكة وخارجها؟
فالملك محمد السادس، تعامل مع قضية الحراك بدبلوماسية كبيرة، على اعتبار أن مدينة الحسيمة مثلها مثل أي مدينة يعاني شبابها من البطالة والتهميش (حسب تعبيرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي)، ولأن الملك جاد في طي كل الخلافات لأنه يدرك تمام الإدراك أن المغرب في غنى عن التصعيد وتغيير مسار البناء والتشييد وجلب المستثمرين وتحسين ظروف العيش للمواطنين، وأن كل من الزفزافي وغيره من المتعصبين للأجندات الخارجية، التي ظلت تنتظر أن تشتعل المنطقة ظنا منها أنهم سيعيدون جيوب المقاومة بمطالب اجتماعية كانت ولازالت هم كل شباب المملكة، من الشمال إلى الجنوب، هي أحلام لشباب لازال يحتفظ بجلباب عبدالكريم الخطابي، المخلوط برائحة بارود التحرير والمقاومة ضد المستعمر الإسباني والفرنسي.
قضية الريف، حولها بعض أذكياء أمازيع الخارج إلى فرس “طروادة” ركبوا على ظهرها كل عباءات الخوف والمآمرة وصنعوا منها فزاعة عرقية عصية عن الترويض وقالوا عنها أن الريف هو عقدة كبركان “فيزوف” فحذاري أن ينشط فيثور، وهنا بدأت مآمرة التخطيط لجس نبض شباب الريف الذي ضل يراقب البحر وخلفه الحبل ليستحضر خطبة طارق ابن زياد (ليس لكم والله إلا الصبر أو الخروج إلى بلدان الضباب فهناك إخوة لكم ينتظرون وصولكم)، رحل من رحل وظل الآخرون صامدون ينتظرون مشاريع كبرى تعيد للحسيمة مجدها وتنصف أهلها اجتماعيا واقتصاديا، فجاءت منارة المتوسط وقرأ فيها أهل الريف أعمالهم لكنها لم تكن إلا حقنة (البنج) التي تسبق عملية خلع الدرس المتعفن.
اشتعل الحراك شيبا وشبابا وسافر عبر الأحداث ليحط رحاله بصفة رسمية في أوربا، وكبرت دائرته واستمد شباب الحسيمة (ذكورا وإناثا) قوتهم من رفقاء البحر والجبل ممن هاجروا، ليبدأ الحراك بطعم الدعم الأوربي، لتخرج التنسيقية الأوربية من رحم معاناة وصمت الحكومة المغربية التي كانت منشغلة في الحصول على أكبر عدد ممكن من الحقائب الوزارية، وليذهب الريف إلى الجحيم، فبالنسبة لهم مشكل حراك الريف يبقى خاص بالقصر، على اعتبار أنه صراع تاريخي خفي، وكأنهم غير معنيين.
مع عدم اهتمام الحكومة المغربية، ترعر جنين التنسيقية وجر إليه مجموعات اخرى كانت تنشط في أمر الانفصال لتبدأ معركة أخرى بعثرت أوراق مطالب الريف الاجتماعية ودخلت الحسيمة والنواحي في صراع الخطابات وتحولت إلى مدينة عصيان ضد المخزن وانسحبت الأحزاب والحكومة المغربية، من ساحة المواجهة لتدفع بالأمن إلى سحب الهراوات لفض الاعتصامات والمظاهرات ودخلت الحسيمة في قفص الاتهام وقدمت شبابها قرابين للمحاكمات قادها الزفزافي، وتوالت الاعتقالات ليبدأ مسلسل المحاكمات التي انتقلت ملفاتها إلى المحاكم الدولية ليصبح الزفزافي زعيم الريف مع سبق إصرار الصمت السياسي وترصد الذين باعوا قضايا الريف واشتروا بها مناصب وعمامات وبعدها كراسي وزعامات…
هل فعلا أصبح الريف منطقة ساخنة؟
حينما خطب الملك محمد السادس، وقال في أمر الأحزاب ما قال وسطر بالأحمر عن تقاعس دورها في التأطير والترشيد وأضاف عن منارة المتوسط أنها لم تنفد كما رسم لها وأن تجميدها كان ممنهجا، مما يؤكد تقاعسا وخيانة في العمل، كان الجميع ينتظر أن يظهر لنا لصوص المشاريع وتخرج محاكماتهم للعلن، لكن ضلت محاكم البيضاء تناقش ملفات معتقلي الحسيمة واختبأت الحكومة في جلباب الخطاب، الشئ الذي زاد الحراك في أوربا قوة رغم تشققهم ما بين الانفصاليين وطالبي الحقوق الاجتماعية.
لا تراجع…هكذا يقول زعماء الريف بالخارج انا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب، والغريب هنا يجسده زعماء الريف بالتنسيقية كل الذين اغتالوا شرفاء الريف وأكلوا خيراته وباعوا واشتروا من ظهر رجالاته.
قضية الحسيمة لم تعد حراك سمك الشواطئ والطرقات والتجهيز والمطالب الاجتماعية والاقتصادية، بل أصبحت قضية الحسيمة والنواحي، جرت القصر الى ساحة المظاهرات وزادت من حدة العداوات حتى مع أفراد الشعب المغربي الذين اعتبرهم بعض زعماء الريف متواطئون ضد الريف وسموهم (العياشة) فمنهم العياشة في نظر المغاربة ومنهم العياشة في نظر الريف…
هل معنى هذا أن الشعب المغربي انقسم إلى قسمين عياشي وانفصالي؟
أو أن العياشي هو كل من قال (عاش)، ولم يناصر أهل الريف؟
لقد حركت التنسيقية الأوربية الأمازيغية مشاعر مغاربة العالم الذين ضلوا يتفرجون على مسيرات الريف ويتناقلون صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون إبداء رأيهم حتى أن معظمهم أبدى تعاطفا مع مطالبهم وقال على الأقل (هؤلاء رجال قبلوا مواجع المخزن وقالوا ما لم تقله حتى الأحزاب التي كانت ذات عهد في خنادق المعارضة).
ومن خلال هذا أطرح السؤال هل أهل الحسيمة على صواب؟
وهل ما طالبوا به صعب المنال؟
وهل عجز القصر عن سحب البساط من تحت الذين يدبرون المآمرات على المغرب برداء عبدالكريم الخطابي ولماذا هذا الصمت في احتواء هذا الصراع؟
وهل لا نخشى فعلا أي خطر من الركوب على هذا الحراك وحياكة ملفاته بأثواب خارجية خاصة وفيهم من يعتبر أن المغرب ليس دولة وأنه ليس عربيا ولا مغربيا ولا مسلما حتى، وأن الريف يجب أن يستقيل…
الحراك الريفي هو أكبر من أن يكون محطة نضالية لاستئصال حقوق اجتماعية اقتصادية سياسية، بل هو قضية تاريخية لعبت سيناريوهاتها أطراف عديدة تجيد صياغة العداء وتلوينه بالأسود حتى يظل الريف منطقة ساخنة عصية حقودة على المخزن، وحتى يظل الصراع فيها محتدما بين أهله والقصر، وحتى يدفع بالأمن إلى ارتكاب أخطاء تحت يافطة النظام والاستقرار، ويجر القضاء إلى إصدار أحكام قاسية ينص عليها القانون، وتعتمد على تقارير المخافر الأمنية القضائية الإعدادية، وتبعثر الأوراق الدبلوماسية الدولية لتكتب عنا المنظمات الحقوقية الدولية أننا نخرق المواثيق الانسانية وأننا دولة قهر وفساد ونخسر ما تبقى من الاستحقاقات الأممية كما خسرناها في المحافل الدولية وسجل في قوائم حقوقية غير مشرفة.
وأخيرا ليس آخرا، فالريف الذي يعيش فترة حصار اجتماعي ودوى اسمه في (جنيف ولاهاي وباريس) حتى اعتبره الملاحظون الأوربيون أنه منطقة معزولة ومحاصرة هو إقليم فتي جميل الجغرافية والطبيعة وناسه من أفضل رجالاته هم في مناصب القرار يؤدون الواجب الوطني بنزاهة عالية وهم أفضل من يثق فيهم النظام لصدق نيتهم وشهامتهم وصلابة موقفهم تجاه الوطن وهم أصلح من غيرهم لحل عقدة الريف التي بدأت ب(محسن فكري) ولا ندري كيف ستنتهي مادام هناك من له المصلحة لكي يبقى الحراك ملهبا في الداخل والخارج يطهى فوقه صحون المآمرة تماما كما فعل الشيطان للإنسان حينما قال له (اكفر فلما كفر قال إني بريء منك).. سورة الحشر آية 16.