الجمعية المغربية لحقوق الإنسان…تحت شعار:”القضاء على العنف ضد النساء رهين بإقرار حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”

الأخبار المغربية

تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء والذي يصادف  25  نونبر من كل عام، مع باقي  شعوب  العالم الحاملة لمشعل المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية.
ويحل اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد النساء هذا العام؛ في ظل استمرار كل مظاهر العنف ضد المرأة نتيجة تعميق واتساع نظام العولمة الليبرالية والعدوان على الشعوب وتفشي الفكر الظلامي التكفيري، بما لكل هذا من آثار وخيمة على كافة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، التي يكون انتهاكها أشد وطأة على النساء بالنظر لهشاشة وضعهن في مجتمع تحكمه العلاقات والقيم الأبوية المبنية على التمييز بين الجنسين وتراتبيتهما، والمكرسة للتقسيم التقليدي للأدوار بينهما بما يهمش النساء ويبعدهن من مراكز القرار.
1. على المستوى الدولي والإقليمي: يحل اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة في ظل مناخ دولي وإقليمي يتسم بكل العوامل المنتجة للعنف بكل أشكاله اتجاه الشعوب وفي مقدمتهن النساء، من أهم مؤشراته:
ــ استمرار سياسة الحصار والعدوان على الشعوب بشكل مباشر أو بالوكالة، وتزايد النزاعات المسلحة التي تشهدها عدد من مناطق العالم، وما ينتج عنها من إجهاز على كافة الحقوق وفي مقدمتها الحق في الحياة وفي السلامة البدنية والأمان الشخصي، حيث تعتبر النساء أولى ضحاياها.
ــ استمرار الاستيطان الصهيوني في فلسطين و تشديد الحصار والعدوان ضد الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط ضروريات الحياة، مما خلف العديد من الشهداء والشهيدات والأسرى والأسيرات.
ــ اندلاع حراكات شعبية في العديد من مناطق العالم تلعب فيها النساء دورا رياديا، رغم ما يعشنه من تهميش وإقصاء، مما يؤكد قدرتهن على تحدي المعيقات المجتمعية والمساهمة بقوة في نضال الشعوب ومقاومة السياسات النيوبرالية المدمرة  للأوضاع المعيشية للجماهير الشعبية والوقوف ضد الحركات اليمينية المتطرفة والسياسات الشعبوية المعادية لحقوق النساء وحقوق الأقليات.
2.  على الصعيد الوطني: يحل اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، في ظل اختيارات اقتصادية واجتماعية للدولة مكرسة للعنف الاقتصادي المنظم، المتجسد أساسا في الإجهاز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعموم المواطنين والمواطنات، نتيجة الزيادات المتتالية في الأسعار وتدهور القدرة الشرائية وانتهاك الحقوق الأساسية في مجال الصحة والتعليم والتشغيل وباقي الخدمات الاجتماعية لعموم المواطنين والمواطنات. إلا أنها أشد وقعا على النساء بسبب التمييز الذي تعانين منه في جميع المجالات وهشاشة وضعهن الناتجة عن العنف المستشري ضدهن وضعف حمايتهن منه، خلافا لما يروجه الخطاب الرسمي بهذا الصدد، حيث لازلنا نشهد تكريس التمييز والنظرة الدونية للمرأة في القوانين وسائل الإعلام وفي الكتب المدرسية،  كمجالات يتم من خلالها تكريس التراتبية بين الجنسين وتصريف ثقافة العنف المبني على نوع الجنس القائم على التوزيع الجنسي للأدوار في المجتمع والصور النمطية للعلاقات بين الجنسين.
  ومن مظاهر العنف ضد النساء المستشري في المجتمع كذلك ظاهرة تزويج القاصرات؛ وهو عنف قانوني وجنسي ومجتمعي لا زال يعرف تصاعدا مستمرا في غياب تدابير قانونية  تجرمه وتعاقب مرتكبيه ليتم الحد منه، وإلى جانب هذا الآفة التي تذهب ضحيها عشرات الألاف من الطفلات سنويا، لا زال تشغيل  الطفلات يشكل جريمة أخرى لا تقل خطورة ضد حقوق النساء، وهو استغلال اقتصادي للطفلات يتم في ظروف تسلبهن كل حقوقهن كطفلات ويغتصب طفولتهن ويعرضهن لشتى أنواع العنف الجسدي والجنسي.
وفي خضم هذه الأوضاع المتميزة بتفشي مختلف أشكال العنف المادي والرمزي ضد المرأة، في غياب قوانين حمائية ورادعة، يتضح جليا غياب الإرادة السياسية لدى الدولة المغربية في إرساء حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والسياسية والمدنية، في القوانين كما في الواقع، وخاصة المتعلقة منها بحماية المرأة من العنف والتكفل بالنساء المعفنات والقطع مع الإفلات من العقاب.
إن استمرار الدولة في التخلي عن تحمل مسؤولياتها في مجال ضمان وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يعتبر من أهم العوامل المنتجة للفقر والأمية والعطالة التي لا زالت ظواهر مؤنثة حملت معها العنف الاقتصادي إلى مركز الصدارة، كما كان من نتائجها أيضا انخراط العديد من النساء وتصدرهن لمعظم الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحق في التنمية في عدد من المناطق بالمغرب، في الريف وجرادة وإمضير وزاكورة وورزازات وفي كل المناطق التي تشهد حركات احتجاجية، كما لعبن دورا رياديا في دعم أبنائهن المعتقلين على خلفية تلك الحراكات الشعبية وذلك في إطار حركة عائلات المعتقلين السياسيين.
وأمام تراجع مجمل المؤشرات ذات الصلة بحقوق المرأة في جميع المجالات، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحمل المسؤولية الكاملة للدولة المغربية في استفحال العنف ضد المرأة بكل أشكاله وتطالبها بضرورة تحمل مسؤوليتها  في مجال حماية المرأة من العنف والتكفل بالنساء المعفنات وذلك عبــــر:
  —إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يضمن حق النساء في التعليم والصحة والشغل القار والسكن اللائق والكرامة الإنسانية.
  —التنصيص دستوريا على المساواة بين الجنسين في جميع المجالات دون قيد أو شرط.
  —الرفع الكلي لجميع صيغ التحفظ عن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وملاءمة كافة القوانين المحلية معها واحترامها على أرض الواقع.
  —المطالبة بالمراجعة الشاملة لمقتضيات قانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بما يضمن تعهدات المغرب الدولية في مجال القضاء على العنف ضد النساء.
  —تغيير جدري وشامل للتشريع الجنائي بما يضمن الكرامة الانسانية للمرأة واستقلالها في تملك ذاتها ككائن مستقل ويوفر لها سبل الحماية من العنف  والحق في الوصول للعدالة والانتصاف ويقضي على حالة اللاعقاب في جرائم العنف المسلط على النساء ضدها.
  —تغيير الكتب المدرسية والمواد التعليمية وكل برامج التربية وتطهيرها من ثقافة التمييز، وضرورة تجريم كل تعبير وإعلان يتضمن سلوكا تمييزيا  بين النساء والرجال من قبل وسائل الإعلام العمومية السمعية والبصرية.
  —تحيي الحركة النسائية والحقوقية وكافة القوى الديمقراطية المناضلة من أجل المساواة بين الجنسين في كل المجالات وبدون تحفظ.
  —تحيي كفاح وصمود المرأة الفلسطينية في وجه الغطرسة الصهيونية، وتحيي كل نساء العالم المكافحات من أجل التحرر، ومن أجل عالم دون عنف تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والسلم العادل.

المكتب المركزي
الرباط، في 25 نونبر 2019

قد يعجبك ايضا
Loading...