قاسميات سجنية..إلى المحامي المجذوب المعتقل السياسي

بقلم: محمد قاسيمي

هذا الرجل الأصيل الحصيف الرصين المجذوب العظيم، قضى ثلاث سنوات في الزنزانة الانفرادية المقابلة لزنزانتي بتولال، يراني وأراه، رجل مثقف وموسوعي قل نظيره وتضاءل مثِيله، شبه منعدم شكلا ومضمونا، محامي كبير، قيدوم بين أصحاب البذلة السوداء، يمارس مهنته منذ ما يُقارب أربعين عاماً بشكل شريف، معتقل سياسي قديم، سبق وقضى عقوبة سجنية بفاس رفقة المندوب العام الحالي لإدارة السجون “التامك” وكان يكتب له طلباته آنذاك…
مناضل وحقوقي كبير، له مواقف معروفة ولا يخفيها حتى أثناء سجنه تصل لأعلى القمة…لا يخشى السّجن مُقابل التعبير عن رأيه مهما كان، يُلقبونه: ب”محامي الفقراء” أمازيغي يذوب في ثقافته الأمازيغية إلى حد الجنون، كان يعتبرني مُستعرب ويناديني من زنزانته مازِحا بالقرويين تارة والفقيه تارة أخرى ويكنُّ لي كل التقدير والاحترام وإن اختلفنا في الكثير من الأحيان، كنت أناديه بزرادشت المغربي الأمازيغي ويسعد بهذا الوصف.
ولأنّنا بشر نحزن، كلما شعرت بالكرب أناديه فيتحول شعوري للبسط والفرح وزيادة، قضى عقوبته السجنية قراءة وكتابة أيضا، وكل مساء نتبادل أطراف الحديث في كل القضايا الفكرية كما نتبادل الكُتب بشكل يومي ونناقش محتويات كل كتاب على حدة، بفضله استطعت أن اطلع على أمهات الكتب الأمازيغية والتاريخية في هذا الشأن، وهو بفضلي استطاع أن يقرأ موسوعات عظيمة في تاريخ الأفكار و الميثولوجيا والتصوف والدين….
عموما، هذا الرجل الجوهرة، تشاركنا معا مشاعر العزلة والوحدة وكان يصرخ في وجه الظلم مهما كان الظالم أو المظلوم، رغم أنه بلغ من الكِبر عِتيّا ونال منه المرض إلا أن الابتسامة لا تُفارق محياه، ومن حسن الحظ نال حريته بعدي بأسبوع فقط، وهو الآن بين أهله وأحبابه حرّا طليقا، أتمنى لك رفيقي دوام الصحة والعافية…

قد يعجبك ايضا
Loading...