عبدالمجيد مصلح
تعلمنا من سورة النبي يوسف المعنى الخفي للسجن ومتى يختار المرء السجن كاختيار ومتى يفرض عليه الحبس إجبارا، وشتان ما بين السجن والحبس وهذا لن يفهمه إلا العارفون بحكم الله وآياته، وأثار انتباهي لبعض المحاكم في العالم العربي يعلقون خلف كراسي القضاة يافطة بالخط العربي الجميل ينقش عليها قول الله تعالى:”وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا” وهذا شيء جميل يبعث الراحة في نفس المتهم، و يجعله يطمئن للنطق بالحكم من أنه لن يخشى زيفا أو زورا أو ظلما طالما هناك رقيب يعلو فوق رأس من يهمهم أمر العدل و العدالة، والله رقيب حسيب.
وعودة للموضوع فها هي الأصفاد تكسرت والقضبان تحطمت وباب الزنزانة فتح بعد إغلاق دام ثمانية أشهر عفوا تغير الرقم بل ثلاث سنوات وخرج السجين رقم111, لاستنشاق حرية انتزعت منه كما انتزعت من يوسف الصديق، وشتان ما كسب يوسف بعد السجن وما فرض على السجين 111 ما بعد ثلاث سنوات وعلى كل حال فالحمد لله على سلامة السجين البطل حاتم حجي، لأنه صبر لحكم الله وقضاءه واصطبر لحكم منطوق هو عند الله مسجل محسوب فهنيئا للجسم الإعلامي الشريف الحر بعودة النسر الصحفي إلى عشه العالي فوق قمم القضايا التي كان الصحفي المهني حاتم حجي، ينثر أوراقها ويكشف للعالمين سرها وخباياها، فالحقيقة مهما طال دفنها وطيها لابد أن يفوح ريحها ولو بعد حين، وكشفها للناس وللقارئ له ثمنه وهو ما أداه الزميل العالي الهمة، وناب فيه عن أقلام العار والزمرة الفاسدة ممن ابتلينا بهم وتنكروا في زي إعلاميين يدعون قول الحقيقة كما يحكي المثل الحكيم: “لا تناظر أهل الباطل ولو ملكت الحجة حتى تجيد استعمالها ليس خوفا على الحق وإنما خوفا عليك فقد يقتل الإنسان بالعصا وبيده سيف لا يحسن استعماله”
وختاما عمت حرية يا أخي في الله والوطن وفي هذه المهنة المحنة فقد خرج النبي يوسف من السجن إلى كرسي الحكم واستفادت منه مصر، وكثير من السجناء حولوا القضبان والزنزانة إلى دروس عظيمة في الحياة لو يدركها السجان لتمنى سريرا ومقعدا قرب السجين.