الأخبار المغربية
صدقوا حينما قالوا مصائب قوم عند قوم فوائد، أهل الحوز اهتزوا وزلزلت الأرض من تحتهم رحم الله شهداء الجبال والقرى الجبلية، أهالي جهة سوس و تارودانت، ورحم الرحيم مرضاهم وشفا مصابيهم “وإنا لله وإنا إليه راجعون” هذا عن القوم المصاب فماذا عن الأقوام المستفيدة من جبال الإعانات ومحيطات الزيت والحليب والمياه وأطنان البضائع التي حملتها الشاحنات من كل بقاع المعمور من غير أن ننسى دور الجيش والدولة.
كم كانت فرحتنا وفخرنا حينما شاهدنا الشعب المغربي يتحول إلى مملكة نمل متراصة تتكلم لغة التضامن و التلاحم والتراحم مع أهالي الحوز المتضررين من حدث الزلزال وصفق العالم وانبهر لهذا الصف الموحد والقلب الرحيم لساكنة المغرب ولمغاربة العالم الذين اعتبروا هذا جهاد وطني وواجب شرعي ودنيوي ونزلت المساعدات نحو الجنوب لتملأ الطرقات والمنعرجات والأودية وتحركت عدسات “الفايسبوكيين” وأصحاب “الفلوكات” وتجار “اليوتوب” ليس لتوثيق هذا التضامن وليس لتشجيع الناس على الإلتفات نحو الفقراء لكن لترتفع أعداد المشاهدات ولتمتلئ خزائن الحسابات في الوقت الذي لا زالت عائلات الضحايا تجرع الأحزان على فقدان الوالدان والأهل والإخوة، وتمر الساعات وتتجمع جحافل العباد ليتحول مشهد المأثم والدمار إلى سياحة جبلية ولتبدأ عدسات كاميرات الفضوليين في التقاط صور الأطفال والنساء والعجزة في جهل تام لعادات وتقاليد أهالي سوس المحافظين واستغلال بشع لضعف هذه الساكنة التي اختلطت لديها اللهجة الأمازيغية بالعربية والتجأ كثيرهم منهم للتسبيح والاستغفار وقبول قدر الله.
لقد تحول مشهد المساعدات إلى سوق بشرية غير منظمة وكانت فرصة للصوص وسماسرة الحوادث لأن الجميع تحول إلى منقذ واختلطت الأجساد بالأجساد بجبال السلع لتبدأ عمليات النهب وتجميع صناديق المساعدات داخل حاويات وشاحنات تم استئجارها لتأخد اتجاهات الدار البيضاء ومراكش حيث التجار الكبار ينتظرونها وهكذا ينتهي فيلم التضامن بسيناريو تحويل الصدقة إلى المتاجر لكننا إلى جانب هذا العمل الدنيئ لايمكننا تقديم التحية والتقدير ورفع القبعة الوطنية لجنودنا البواسل من القوات المسلحة الملكية ورجال الأمن والقوات المساعدة ورجال الإسعاف بكل عناصرهم وإلى الجمعيات الجادة وفعاليات المجتمع المدني لمغاربة العالم تلكم الجمعيات الصادقة التي تعودت الاشتغال في الواضح وبالواضح وكل المحسنين الذين ساهموا بصمت دون بهرجة ولا رياء ولا إشهار ولا صور مفبركة، ونغلق قوس الكتابة لنوجه ندائنا إلى السلطات المحلية والدرك والأمن مراقبة سماسرة الزلزال والأزمات وتجار الوحل والطين خاصة (البياعة والشراية) الذين لا توجد في قلوبهم رحمة ولا يهمهم موتى الزلزال أو الإعصار وهم منتشرون وسط الجمعيات ومنهم من اكترى شاحنات فقط لهذه الغاية وما عسانا إلا أن نذكرهم بقول الله تعالى﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [ آل عمران: 140]