الأستاذ مفتاح…عشت مرفوع الرأس وستبقى مرفوع الهامة و الحمد لله أن “محمد الركاب” مات قبل أن يعيش مع (زمرة الكلاب)
كتب حلاق درب معاوية
الأخبار المغربية
حدالسوالم – حاولت الغوص كثيرا في مقالة الصحفي الرجل نورالدين مفتاح وفي عنوانها الثلاثي الأبعاد “نداء بعد المغادرة” وكنت أرى بين السطور رأسا يعلو الكتابة وتعلو كلماته علو السمو وتنطق حروف الأسطر صدقا وشهامة ونبلا وتخيلت كبرياء الرجل الذي نعرف مواقفه وشجاعة صموده طيلة سنوات قضاها ما بين معهد الرباط إلى رئاسة الفيدرالية، سنوات مقاومة لم تمر سهلة على مفتاح، ظل فيها الرجل يحمل مشروعا وطنيا إسمه المقاولات الصحفية لأنه تحمل دور الأب و الحكيم و دور الحارس على بيت الصحافة حتى لاتدنسه كلاب الاسترزاق، لم نكن نعلم طبيعة الحرب الماكرة التي كان يواجهها رافضا كل كراسي الإغراءات، هو من علمنا الكرامة الإعلامية وكيف ندافع عن شرف هذه المهنة التي تسلطت عليها ثعالب الصحراء، وشكلت لفيفا لخنق الرجل قبل أن تخرج روائح الجيفة لكنها تسربت حينما تأكد الجسم الإعلامي الشريف أن الأمر يتعلق بانقلاب حقير يشبه الانقلابات التي كانت تقودها فرنسا سابقا في العمق الإفريقي.
مغادرة الأستاذ نورالدين مفتاح للفيدرالية بهكذا شرف وبهكذا رجولة وشهامة تؤكد أن البطن التي حملت مفتاح كانت رحما شريفة “والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لايخرج إلا نكدا” فخروجه إذن هو نهاية لفصل كبير من فصول العز الإعلامي ليدخل الوافدون الجدد ساحة “لخواض لكبير” الذي من أجله رصدت فرقة المكر كل ما لديها من إمكانات لمحاصرة مفتاح، لكن الذي يجهله أصدقاء معاوية هو أن ابتعاد الرجل مفتاح عن “خولضة” المجلس الوطني للصحافة، هو انتصار للصحافة الحرة الجادة، وهو انسحاب حكيم في زمن الذل الإعلامي.
وقديماً قيل:”رب سلاح يقول لحامله: ضعني، وكلمة تقول لصاحبها: دعني” وأكبر عملية خداع قام بها الشيطانّ هو إقناعه للكثيرين بألا وجود له.
لقد عشنا مع مفتاح الرجل أعواما كتلك التي فسر بها النبي يوسف حلم العزيز “ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون” وفعلا جاء في عهده صيف عامرة ونزلت على الصحافة أمطار الغيث في معارك ثورة الصحوة الإعلامية، وها هي السنوات العجاف ستظهر في حقل المجلس الوطني للصحافة ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ﴾
فخير لمفتاح الرجل أن يغادر خير من أن تتلوث سمعته البراقة بين أصابع الدناءة.
وسواءً بدرَت أزمات السلوك السامّ عن طيش محض أو خبث تام، إلا أنها دائما ما تكون جزءا من الذخيرة الإنسانية، مهما كان عدد المرات التي وجدنا فيها أن الجسم الإعلامي يمر بأوقات سامة، فإننا نظل مطالبين بمعرفة طريقة تعيين الدناءة وكيفية إحباطها.
قد لا يكون التعامل مع الأشخاص السامين بالأمر السهل، إلا أنه حاسم من أجل سعادة وإصلاح هذا الجسم الإعلامي الذي مات من أجله رجالات المغرب العتيق.
هنيئا للزميل محتات الرقاص مدير نشر “بيان اليوم” خير خلف لخير سلف…الله يجعل كلامنا خفيف