وا سي الحموشي الرحمة ثم الرحمة باراكا من سياسة القهر والتهميش وعدم الرحمة
18 دجنبر 1975.. عندما شرد وطرد بومدين آلاف المغاربة إلى الحدود
الأخبار المغربية
حدالسوالم – بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة ظاهرة فريدة من نوعها تتمثل في نشر البلاغات و الأخبار حول العقوبات التأذيبية التي تصدرها المديرية العامة للأمن الوطني، في حق موظفيها حيث يشكل هذا السلوك غير المألوف في السابق، والذي يعتبر من الناحية الواقعية والقانونية تشهير بالموظف الذي لا يعتبر ملكا لأحد، هذا الموظف أسي الحموشي، يحمل إسما وسمعة ومعطيات شخصية لصيقة به وبأسرته ومحيطه الداخلي والخارجي، هذا الموظف الذي يتمتع دستوريا بحقوق يكفلها له القانون، من العيب و العار المساس بها، لأن بنشر هكذا بلاغات يؤثر سلبا على نفسية الموظف داخل العمل وخارجه سواء أمام المجتمع وأسرهم إلى غير ذلك، ومن هنا نلمس ونستخلص أن الإدارة لا تحترم المعطيات الشخصية للموظف وكأنه غير معني بالقوانين التي تحمي حقوقه، سؤال…ما الجدوى من القوانين إن لم تؤكد أنها مجموعة من القواعد القانونية العامة والمجردة والملزمة وبأنها قواعد سلوك قبل كل شيء؟
لقد عرف موضوع المس بالمعطيات الشخصية والتشهير اهتمام جميع الفاعلين والمهتمين والمفكرين والحقوقيين وإن المشرع المغربي لم يدخر جهدا في تنزيل مجموعة من القوانين التي تهم هذا الشأن، ولا ننسى أمر مهم ألا وهو السر المتعلق والمرتبط بالإدارة وقراراتها وبعبارة أخرى بالشأن الداخلي أي ب(الكوزينة) إن صح التعبير وخير دليل على هذه الملاحظة هو تزايد تفشي ظاهرة نشر الأخبار حول مختلف القرارات الصادرة عن الإدارة مع ذكر الأسباب ورتب المعنيين بالأمر دون المراعاة لشعورهم أمام المجتمع الذي لا يرحم.
وما تم تداوله مؤخرا بخصوص إقدام المفتشية العامة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني على ضبط اختلالات وتجاوزات أدت إلى إصدار مجموعة من العقوبات في حق الموظفين الأمنيين يعبر بشكل واضح عن تعميق جراحهم وتأثير نفسيتهم وإصابتهم بالإحباط وتعبير واضح على أن مجهوداتهم السابقة لم تشفع لهم حتى في سترهم أو حفظ كرامتهم.
إن التخليق يجب أن يبدأ من أصحاب القرارات قبل المخاطبين بها وإن الإدارة غير ملزمة بنشر هذه المعلومات فقد يكون هذا سبب في مآسي وآثار لا يمكن وصفها تلحق بالموظف فور علمه بهذه التصرفات الماسة بشخصه.
“الأخبار المغربية” تتمنى التفاتة وآذان صاغية في هذا الإطار للحفاظ على دم الوجه وتبقى سمعة وكرامة الموظف مصانة لأنه قدم الخدمات والتضحيات من أجل خدمة الصالح العام، فالكل يخطأ والخطأ لا يعني إصلاحه بسياسة القهر والتهميش وعدم الرحمة كيفما كان الحال يبقى الموظف إنسان يمكنه أن يصيب و يخطأ كما تخطأ الإدارة في حقه ولا يحرك ساكنا تجاهها.
نحن نعيش في دولة الحق والقانون والديمقراطية الحديثة وإن بلدنا قطع أشواطا بعيدة في مجال حقوق الإنسان فالرحمة ثم الرحمة بموظفي الإدارة وتكريس دور الإدارة في تخليق الحياة العامة وتفعيل أدوارها المتمثلة في الإصلاح والتخطيط السليم والتسيير الصحيح والتدبير الجيد والاختيار الأنجع والأنجح والتدريب والتوجيه الهادفين، فالإدارة عرفت في الآونة الأخيرة تطورا حديثا ومهما بعدما ارتبطت بعدة مفاهيم جديدة كاللاتمركز الإداري والقيادة الإدارية الحقة والإدارة الاستراتيجية والإدارة بالأهداف والإدارة الالكترونية ثم الإدارة الاجتماعية المواكبة، البعيدة عن مفهوم الحسابات الضيقة والتصورات التي قطعت معها المجتمعات الديمقراطية، هناك تصورات متجددة وأساليب اختلطت بمفهوم الجانب الاجتماعي قبل كل شيء فكيف للإدارة أن تشوه سمعة موظفيها بنشر بلاغات و أخبار عن القرارات المتخذة في حقهم وكـأنهم فاسدين أو غير أكفاء علما أنه قبل توظيفهم أجريت أبحاث دقيقة حولهم وحول محيطهم وحول حياتهم الخاصة إلخ… وبعد سنوات من العمل تخرج الإدارة بتصريحات يتبين من خلالها بأن هؤلاء الموظفين غير صالحين فكيف لموظف غير صالح عمل مدة سنوات وصدرت منه قرارات وتصرفات تجاه المواطنين أن يكون كذلك؟ هل هذا يعني أن قراراتهم وخدماتهم لم تكن في المستوى؟ من المسؤول؟ أين هي الإدارة من هذه المسؤولية؟
هناك موظفين أدوا مهامهم بكل أمانة وتفان وإثقان ومصداقية و وفاء لكن كان مصيرهم العزل والطرد التعسفي ناهيك عن باقي العقوبات الأخرى فمن أين يرجى للإدارة بالتقدم في ظل هذا الواقع الخطير؟ حيث أصبح الموظف بين مطرقة التشهير وهضم حقوقه وسندان يتيه في عالم محفوف بالمخاطر والألغام؟
هل ستتحرك آلة المتضررين للمطالبة بحقوقهم أمام الجهات المعنية؟
التشهير عن طريق خبر/بلاغ أصبح مبالغ فيه لحد كبير خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمشاكل الداخلية التي من المفروض عدم نشرها (الفاهم يفهم) كي تحافظ المديرية العامة للأمن الوطني على هيبتها في المجتمع ولا تفقدها تدريجيا فالجميع سئم من هذه التصرفات التي لم تكن من قبل.
انطلاقا من البلاغ/الخبر الذي انتشر بشكل عجيب و غريب، هل…المعهد الملكي للشرطة كان يسيره أطر فاسدة؟ إذن فالمتدربين الذين تخرجوا على أياديهم يمكن إعادة تدريبهم على أيادي صالحة لكي لا ينتشر فسادهم إلى المجتمع ويضبطون من جديد وتصدر المديرية قراراتها في حقهم وتشردهم وتترك أسرهم في الأزمات كما يحدث وحدث.