المجلس الوطني للصحافة…مؤامرة ضد المغرب أم صدفة؟

ابراهيم السروت
بعيدا عن لغة الخشب وتنميق الكلمات واختيار العبارات الرنانة التي أكل عليها الدهر وشرب يمكن طرح السؤال هل هي مؤامرة تهدف المس بمصداقية مؤسسة الإعلام؟ أم مجرد صدفة يمكن تصنيفها ضمن الأخطاء الشائعة المرتكبة ضدا على القانون؟ الوزير الشاب محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل (ياحسرة) اتخذ قرارا صادما بتوطينه يونس مجاهد رئيس المجلس الوطني للصحافة المغربية، بشكل يسيء للرجلين معا، ويضرب في الصميم المكتسبات التي تحققت في عهد حكومة التناوب إلى حكومة سعد الدين العثماني، الوزير بنسعيد المكلف بقطاع التواصل في حكومة عزيز أخنوش، منذ 4 سنين و 6 أشهر التي مرت على يونس مجاهد كرئيس أول لمجلس الصحافة بالمغرب، اعتبرها العارفون تجربة فاشلة بما تحمله كلمة الفشل من دلالات وبكل المقاييس.
في عهد الملك محمد السادس اختارت الدولة المؤسسة القانونية المستقلة ومن المؤسسات التي اختارتها الدولة المغربية كمؤسسة مستقلة شكلا ومضمونا التي يترأسها يونس مجاهد، الكل استبشر خيرا، لأن قطاع الصحافة والإعلام بالمغرب لأول مرة سيحظى بالاستقلالية الذاتية، لكن الغريب أن مجاهد لم يلبي طموحات الصحافيين والإعلاميين السابقين و الحاليين، ولم ينجح في توفير الاستقلالية للمجلس الوطني للصحافة، ليكون كباقي المؤسسات في المغرب من محاماة وصيادلة وأطباء ومؤثقين وغيرهم الكثير من المؤسسات التي تتوفر على استقلالية وتنتخب مجالسها من طرف المهنيين المنتسبين لها، وتقف في وجه كل من سولت له نفسه أن يمس بكرامتها وسمعتها شكلا ومضمونا، أو التفكير في التدخل في صلاحيتها، تجد الجميع يقف وقفة رجل واحد كالبنيان المرصوص، إلا أن مؤسسة المجلس الوطني للصحافة أقوى مهنة في البلاد يترأسها أضعف رئيس واقلهم خبرة في التدبير والتسيير، أحيانا يتقمص دور ضابط شرطة أو دركي ضد الصحافة خاصة، و حول المجلس الوطني للصحافة إلى مؤسسة تابعة لمقاطعة من المقاطعات، والكل يتكلم عن مجموعة من الخروقات والسلبيات، منذ البداية وظل أهل الدار يحاولون التستر على تلك المطبات والأفعال بدعوى التجربة الأولى، والكل يترقب إجراء انتخابات ناجحة بامتياز (4 أكتوبر) وأن يصبح المجلس فعلا مؤسسة ديمقراطية مستقلة عن جميع المؤسسات التابعة للحكومة أو الشبه حكومية، لكن يتضح أن من يقود هذه السفينة، يقودها بطريقة عشوائية ودكتاتورية طيلة الأربع سنوات، لم يستطع خلالها مجاهد باعتباره رئيسا لقطاع حساس أن يتواصل مع المهنيين لا وطنيا ولا جهويا ولا محليا، بل بالعكس ساهم في تصدع المؤسسة التي كان يضرب بها المثل ويحسب لها ألف حساب من الحكومة السابقة كما النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومؤسسة فيدرالية ناشري الصحف.
فالواجب من المجلس الوطني للصحافة وعلى رأسهم الرئيس الفعلي أن يجمع شتات الصحافة بالمغرب وطنيا، جهويا، محليا، وإقليميا، من أجل أن تكون لها قوة عظيمة لأن التماسك والتضامن والوحدة ستشكل قوة ضاربة يحسب لها ألف حساب في جميع المؤسسات الحكومية والشبه حكومية، فالمؤسسة الإعلامية بالمغرب يجب أن تكون قوية من أجل مواجهة المتربصين ضد الصحافة والصحافيين داخل المغرب وخارجه، لأن المغرب في عهد محمد السادس حفظه الله عرف تطورا قويا في جميع المؤسسات ومنها مؤسسة المجلس الوطني للصحافة في قانونها وبنودها وأرضيتها قوية فعلا، لكن من يسيرها ضعيف في التسيير، جاهل التدبير، وقع في فخ “الأنا” فتقمص دور الأمني ورجل سلطة تابع للداخلية أو أحد القطاعات الحكومية وينتظر التعليمات ليمتثل للتوجيهات،
يا للأسف!.
كإعلاميين اخترنا أناسا كنا ننتظر منهم قيادة هذه السفينة إلى بر الأمان والإطمئنان على أرواح الصحافيين والإعلاميين المجاهدين الذين توفوا ولم يدركوا انتخابات المجلس الوطني التي مرت بالشفافية والنزاهة والديمقراطية، وكنا مسرورين رغم كيد الكائدين والمتربصين للمهن الذين عملوا على ضربها في العمق من أجل أن تفقد قوتها وسمعتها على الساحة الوطنية والمغاربية والإفريقية والدولية.
لقد تفاجأ الجميع بالتمديد 6 أشهر إضافية وأغلبية المهنيين على الصعيد الوطني والجهوي لم يقبلوا تمديدا لأن المجلس سيد نفسه ينظم ويشرع حسب القوانين التي يمتلكها كمؤسسة قوية وفاعلة بالمغرب.
مرت الستة أشهر ورئيس المجلس الوطني للصحافة والوزير المكلف بقطاع التواصل لم يحركوا ساكنا، بل فوجئ الكل بمشروع أتى به الوزير محمد المهدي بنسعيد طبعا مع استشارة وصياغة المشروع من طرف يونس مجاهد ومن معه حسب المصادر المقربة إليهما، جاؤوا بمشروع تبناه فريق الأصالة والمعاصرة بدكتاتورية متوحشة ضد الصحافة والصحافة الجهوية خاصة، لكن الحمد لله (فللبيت رب يحميه).
جاء هذا المشروع الذي تبناه حزب الأصالة والمعاصرة وأغلبية الحكومة تزامنا مع القرار الذي اتخذه الإتحاد الأوروبي ضد المغرب وفشلوا فشلا ذريعا في مشروعهم الدكتاتوري، وبعد أسابيع قليلة تآمر الوزير مهدي بنسعيد ويونس مجاهد بإصدار مسودة مشروع آخر يرمي إلى إقصاء أغلب المؤسسات، الأكثر تمثيلا للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، وجامعة الصحافة المغربية التابعة لنقابة الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل الميلودي المخارق، وعدد من المؤسسات التي تطالب بانتخابات نزيهة وحرة.
وهكذا يتضح أن مجاهد و المهدي يريدان إقبار القوانين التي جاء بها الدستور المغربي في 2011، والتي نادى بها صاحب الجلالة لأن ملك المغرب محمد السادس ديمقراطي ويسعى إلى تطبيق الديمقراطية في جميع المؤسسات المغربية، لكن الحاقدين على المغرب يحاولون تشويه سمعة وصورة البلاد، رغم أن المغرب له مؤسسات قوية برلمانية دستورية لا يزعزعها أحد ولن يستطيع أحد تخطي خطابات صاحب الجلالة والدستور المغربي الأقوى في الدول العربية والإفريقية دستور 2011.
مرة أخرى نعيد طرح السؤال: لماذا هذا التآمر ضد الصحافة والإعلاميين وضد المؤسسة الدستورية التي يعترف بها الدستور كمؤسسة مستقلة ذاتيا؟
المغرب له نسائه ورجاله الوطنيون الغيورون على الوطن والمواطن، وها هم اليوم ينددون داخل المغرب وخارجه، ويستنكرون تصرفات وسلوكات المهدي المكلف بقطاع التواصل وللأسف، أصغر وزير سنا في تاريخ الحكومات الماضية وخاصة في قطاع الإعلام والتواصل، لكن ربما درس وترعرع الوزير المحترم بفرنسا، وهذه الأخيرة يعرفها العامة ويعرف نواياها و ما تريده للشعوب العربية هي التي أقبرت الديمقراطية وكذا جميع المؤسسات في عهدها الاستعماري افريقيا وعربيا، لكن الحمد لله لقوا مقاومة شرسة في عهد الاستعمار وخرجوا من المغرب بقوة المقاومة الوطنية التي ضحت بنفسها من أجل النزاهة والديمقراطية المغرب قطع أشواطا كبيرة في المجال الديمقراطي وخاصة في المؤسسات الدستورية، إذن لماذا هذا التراجع يا أصغر وزير في حكومة عزيز أخنوش، ويا يونس مجاهد الاشتراكي للقوات الشعبية الحزب الذي يتعاطف معه أغلب المغاربة ويعتبرونه حزب عبدالرحيم بوعبيد و عبدالرحمان اليوسفي، وغيرهم ممن قضى نحبه ومن لا يزال ينتظر يا للأسف!.
شخصان حاولا ويحاولان تلويث صورة المغرب خارج البلاد، هنا تطرح علامة استفهام كبيرة، هل هي مؤامرة أم صدفة؟ فالمغرب له ملكية دستورية ديمقراطية لا يقبل بتاتا مثل هذه السلوكات والتراهات ضدا في الصحافة والإعلاميين وخاصة الصحافة الجهوية التي قطع فيها المغرب أشواطا كبيرة من أجل أن تكون الجهة والجهوية حقيقية تدريجيا.
أليس من العبث أن يسير مثل هؤلاء أقوى المؤسسات وأكثرها حساسية؟ لأن الكل يرى وجه المغرب في مرآة الصحافة والإعلام ومثل هذه التراهات تضرب المكتسبات التي حققها المغرب بامتياز عرض الحائط. إذن ما دمنا في المغرب وفي المملكة المغربية الشريفة لن يقبل المغاربة مثل هذه التصرفات ولن يقبلوا التراجع عن المكتسبات الدستورية بالمغرب، ونحن كإعلاميين خاصة النزهاء وكل القوى الحية والمؤسسات الحقوقية والأحزاب الديمقراطية سينتفضون ضد القرارات المجحفة التي جاء بها المهدي و مجاهد والكل ينتظر ما خرجت به المؤسسة البرلمانية في هذه المسودة المشؤومة التي صاغها مجاهد و المهدي، والنضال سيكون آخر ما يقوم به الشرفاء وجميع المؤسسات القوية ستكون ضدكم وسيسجل التاريخ فشلكم فكونوا في الموعد واستيقظوا من نومكم وغفلتكم ولا تنسوا أننا في المغرب، نحب هذه المهنة، وكفاكم من العبث، كفاكم من العبث! وإلى أن يستيقظ ضمير المسؤولين، نعزي أنفسنا فينا.

قد يعجبك ايضا
Loading...