مدراء المؤسسات التعليمية بدون إنتاجية وانضباط الجزء الأول

الأخبار المغربية

إن استطلاعا بسيطا للأسباب الثانوية وراء الفوضى في التسيير الذي تعرفه بعض المؤسسات التعليمية، يجعلك تستنتج ببساطة أن “مدراء” هذه المؤسسات لا يمتلكون في أنفسهم هذه القيادات، الشيء الذي يظهر بجلاء في محدودية قدراتهم التوجيهية والتأطيرية، وغياب بصماتهم التأثيرية على المحيط الداخلي والخارجي سواء، ولن يتم رأب هذا الصدع، وملء هذه الثغرات، إلا بإخضاع رجال الإدارة – القدامى منهم والجدد – لتكوين متواصل حول آخر صيحات خطط التدبير و التكنولوجيا التي يعرفها العالم المعاصر.

 فالتكنولوجيا الحديثة – مثلا – سهلت الكثير من مسائل وقضايا التسيير، ولا يمكن أن نتصور – اليوم- رجل إدارة يجهل هذه التقنيات، ولا يجيد التعامل معها، في الوقت الذي يتعبأ فيه الجميع لإشاعة تقنيات الإعلام والتواصل في الصف الدراسي، وجعلها من مستلزمات الفعل التربوي والتكويني.

إن لتعزيز موقع المدير لا يكفي إعطاءه هامشا من الاستقلالية في التسيير والبرمجة واتخاذ القرارات، بل لا بد من تدعيمه بتكوين لائق حتى يكون قائدا إداريا، وقائدا بيداغوجيا، يتمتع بروح المقاول، ويمتلك كفايات تجعل منه المبدع الذي يستلهم خطواته، في التسيير والتدبير، من التجربة والمتابعة الحثيثة للجديد في عالم الإدارة و التسيير ولا يتوقف عند اجتهادات المركز.

فضعف الإدارة التربوية في المملكة المغربية راجع، في جزء كبير منه، إلى غياب هذا التكوين، مما يؤدي إلى تفريخ عقليات قروسطية، مستبدة، مريضة بالسلطة، تفتقد إلى المتابعة البيداغوجية والعلمية مما يفتح المجال أمام التلقائية والعفوية والعبث في التسيير .

لقد سمعنا عن إدارات كثيرة لعب فيها “مدراء” مرضى بداء العجرفة، وحب الظهور أدوارا خطيرة في خلق أجواء من المدافعة السلبية بين الأطر التعليمية، باعتماد سياسة “فرق تسد”، ونشر الإشاعات المغرضة، واستعداء السكان ضد الأطر التعليمية، والتلويح بالعصا والجزرة، والتهديد برفع الوشايات الكاذبة للإيقاع بأصحاب الرؤوس “القاصحة” الذين يرفضون غض الطرف عن “جرائمهم” التي لا تنتهي في حق مالية المؤسسة وممتلكاتها (نهب واستغلال ممتلكات المدرسة لأغراض خاصة…)، بحجة أنهم يمتلكون امتيازات أدبية ترفع عنهم كل تكليف، وتجعلهم يقفزون على كل ضابط أو قيد، متجاوزين حدود صلاحياتهم الإدارية !!

إن العلاقة بين الإدارة التربوية والأطر التعليمية التابعة لها، كما نتصورها، علاقة قائمة على التعاون والتأطير والترشيد والتوجيه، كما أنها علاقة قائمة على الإخلاص والثقة ونكران الذات…أما حينما تستحيل علاقة متلبسة بالتوجس، وقائمة على المخادعة والنفاق والمراوغة ودر الرماد في العيون؛ فإن النتيجة تكون خرقا يستعصي على الرتق، ونتوءا تمانع كل اندمال؛ فتنقلب المؤسسة التعليمية – ذات الحرمة الخاصة – إلى حلبة للصراع، والمنازلات، وتصفية الحسابات الفارغة.

قد يعجبك ايضا
Loading...