الأستاذ مصطفى فوزي خطيب مسجد إبراهيم الخليل بتراب عمالة مقاطعات عين الشق سيدي معروف
الحمد لله الذي انعم علينا بنعمه الظاهرة والباطنة،لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، ولا نحصي نعمه ولا نستطيع الوفاء بشكره وأشهد أن لا إلاه الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير رحمة للعالمين وحجة على الخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن صار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى:”يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إلاه إلا هو فأنى تؤفكون”.
عباد الله، إن الله قد أسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وأمركم بشكره ووعدكم إذا شكرتموه أن يزيدكم وتوعدكم إذا لم تشكروه بالعذاب الشديد فانظروا موقفكم مع نعم الله وتأملوا في أحوال من قبلكم وأحوال من حولكم ممن تنكروا لنعم الله واستكبروا في الأرض فبدلت نعمتهم نقمة وأمنهم خوفا وغناهم وشبعهم فقرا فاحذروا أن يحل بكم مثل ما حل بهم يقول تعالى:”وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون”.
أيها المسلمون:
لقد أنعم الله علينا بنعم وزادنا أخرى لم تكن موجودة عندنا، من سعة في الأرزاق ورفاهية في الملبس والمسكن والمركب وصحة في الأبدان وأمن في البلد وأكثر من ذلك وأحسن، أن اصطفى لنا من الدين الحنيف وأقامنا على المحجة البيضاء والملة السمحاء، فالواجب علينا أن نشكر ولا نكفر به وأن نذكره ولا ننساه وأن نطيعه ولا نعصاه وأن لا نكون كالذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار “جهنم يصلونها وبيس القرار”
قال تعالى: ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم”.
عباد الله:
إنكم تعيشون في نعم عظيمة، أمن في الوطن وصحة في البدن ووفرة في المال وراحة في كل متطلبات الحياة ومخترعات باهرة قربت لكم كل بعيد ووفرت لكم كل جديد، تأكلون أصناف الملذات وتلبسون أفخر الثياب وتركبون المراكب الفخمة المريحة التي تقطع بكم المسافات البعيدة في أسرع وقت وتسكنون البيوت الفخمة التي تتوفر على كل وسائل الراحة “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”.
لكن بماذا قابلنا هذه النعم؟ هل أدينا شكرها؟ هل عرفنا حقها؟ إن نعم الله إذا شكرت قرت وزادت وذلك لقوله تعالى:”وإذ يأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم”
وإن لم تشكر كانت بين أمرين إما أن تسلب في الحال وإما أن تبقى للاسدراج ليغتر المجرمون بها ويزدادوا من الإثم كما قال تعالى:”أيحسبون أنما نمدهم به مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لايشعرون”، وقوله سبحانه:”ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما”.
واقرأوا القرآن الكريم وطالعوا في كتب التاريخ لتقفوا هلى ما حل بالأمم التي كفرت بأنعم الله، واقرأوا أخبار عاد وثمود وفرعون وسبأ وما كان في مساكنهم وكيف سلبوا النعمة التي كانوا فيها وأصابتهم النقمة لعدم شكرهك لعطاء الله لهم. وللمقارنة مع عصرنا وعصرهم فإن ما عندنا يفوق بالكثير ما كان عندهم والتاريخ يشهد على ذلك.
“وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير”.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي امتن على العباد بالنعم الوافرة واشترط عليهم شكرها لدوامها واستقرارها ونشهد أن لا إلاه إلا الله ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
لقد كان رسل الله عليهم الصلاة والسلام هم القدوة الكاملة للخلق وهم أكمل الناس شكرا لله عز وجل، فقد أثنى الله على نوح عليه الصلاة والسلام وهو أول الرسل بأنه كان عبدا شكورا، وذكر سبحانه عن نبيه داوود وسليمان أنه آتاهما علما فقالا عن ذلك اعترافا بنعمة الله عليهما:
الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين”
فشكرا ربهما على ما أعطاهم من العلم ثم أخبر عن سليمان عليه السلام أنه أثنى على ربه واعترف بفضله حينما أورثه النبوة عن أبيه، وعلمه منطق الطير وآتاه من كل شيء يحتاجه الملوك فقال سبحانه:”وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوثينا من كل شيء، غن هذا لهو الفضل المبين”
ولما حشر سليمان جنوده من الجن والغنس والطير وسمع كلام النملة عندما مر بها مع جنوده قال معترفا بفضل الله عليه:”رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين”.
كذلك تم له مطلبه من إحضر عرش بلقيس، اعترف سليمان عليه السلام أن كل ما حصل له إنما هو تفضل من الله عليه:”قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم”.
وهذا نبي الله يوسف بن يعقوب عليه السلام حينما من الله عليه بالملك والعلم وجمع له الشمل بوالديه وإخوته رأى أنها قد تمت عليه النعمة فشكر لربه وسأله حسن الخاتمة.
وقال:”رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والىخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين”.
أما خاتم النبيين وسيد المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقد كان كثير القيام في الصلاة فقالت له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يا رسول الله لم تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر..فقال:”يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا.
عباد الله: هؤلاء هم القدوة الأخيار فاقتدوا بهم واشكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم وأعمالكم فإنه لا يكفي أن تتلفظ بالحمد والشكر بلسانك وقلبك غافل معرض او جاحد مستكبر وأفعالك بخلاف ما يرضي الله، فالشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح، فالقلب للمعرفة والمحبة، واللسان للثناء والحمد والجوارح لاستعمالهما في طاعة المشكور وكفهما عن ارتكاب المعاصي.
وعلى هذا الأساس فحقيقة شكر العبد لربه لا تكاد تخلو من ارتكازها على شيئين:
أولا: اعترافه بنعمة الله عليه في قرارة قلبه بأن يعترف بأن هذه النعم واصلة إليه من الله سبحانه تفضلا منه وإحسانا لا بحوله ولا بقوته.
ثانيا: التحدث بهذه النعم ظاهرا فيثني على الله ويحمده ويشكره فلا ينسب النعم إلى غير الله كما قال قارون لما نصحه قومه وقالوا له:لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين”.
فكان جوابه إنكار فضل الله عليه وأن هذه الكنوز وهذه الأموال التي بيده إنما حصلت له بسبب علمه وخبرته وقال:”إنما أوتيته على علم عندي”
فكانت النتيجة أن ضيق الله به وبداره الآرض فهو يتعذب فيها إلى يوم القيامة.
فاتقوا الله عباد الله واشكروا نعمه التي أسبغها عليكم وأدوا ما أوجب الله عليكم وتجنبوا ما حرم عليكم، حافظوا على الصلوات واحضروا الجمع والجماعات وأدوا زكاة أموالكم وتجنبوا المعاملات المحرمة والمكاسب الخبيثة، طهروا بيوتكم من المحرمات خذوا على أيدي سفهائكم وامنعوا نسائكم من التبرج والسفور ولبس الملابس التي تغضب الله ورسوله، ربوا أولادكم تربية الإسلام وعلموهم القرآن، وجنبوهم مواطن الفساد وقرناء السوء وأدبوهم إذا رأيتم منهم ما يستوجب التأديب وخذوهم بالحزم ولحكمة فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وانصر اللهم أمير البلاد جلالة محمد السادس نصرا عزيزا تعز به الدين وارزقه اللهم البطانة الصالحة وبارك في أعماله آمين
“والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
إلا هنا إن أبعدتنا فمن ذا الذي يقربنا وإن طردتنا فمن الذي يؤوينا إلا رحمتك أوسع من ذنوبنا وإن فضلك أوسع من معاصينالا قوة لنا على سخطك ولا صبر لنا على عذابك ولا غنى لنا على رحمتك، اللهم باسط الرزق على رحمتك، اللهم باسط الرزق على عباده ويا باعث نوره على كونه ويا مدبر الأمور أكرمنا برحمتك وعفوك واجعلنا من المقربين إليك وممن رضيت عنهم وأسكنهم جناتك.
قد يعجبك ايضا
- Facebook Comments
- تعليقات