ها لحماق تاع الصح…دراسة مخابراتية أمريكية 80% من المغاربة يريدون مغادرة المملكة المغربية
الأخبار المغربية
80% من المغاربة يرغبون في مغادرة المغرب نحو دول أخرى، خاصة دول الاتحاد الأوروبي. رقم مثير إلى مستوى الرعب، لأنه يعكس حالة غير طبيعية في هذا البلد، ويكشف عن وجود خلل عميق في علاقة المواطن بالدولة. ولم تصدر هذه الأرقام عن دراسة قامت بها مؤسسة تابعة للدولة المغربية، بل عن مؤسسات دولية وأساسا أمريكية، وهي مكتبا الدراسات الأمريكيين «بوسطن الاستشارية» (BCG)و The Network، ولم يشمل المغرب بل العالم، واعتمد عينة مهمة من المغرب شملت 6721 مواطنا مغربيا.
والرغبة في الهجرة نحو دول متقدمة أصبحت طموحا في وقتنا الراهن، لتحسين ظروف العيش، ومن أبرز المظاهر الاجتماعية في تاريخ البشرية، لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية. وتعتبر الهجرة من النتائج المباشرة للاستعمار، لهذا اختار مواطنو دول معينة الهجرة نحو القوى الاستعمارية. في هذا الصدد، يقصد المغاربيون فرنسا، ويتوجه الباكستانيون والهنود إلى بريطانيا، بينما تبقى الولايات المتحدة وجهة دول العالم بأسره.
وتتفاوت الظاهرة من دولة الى أخرى، فإذا كان المعدل العالمي هو 57% من الراغبين في مغادرة بلدهم، يرتفع هذا المعدل إلى 80% في المغرب، وهي النسبة نفسها في دول عربية أخرى. لكن يبقى الفارق هو رغبة مواطني دول عربية تعيش الحروب الأهلية والمواجهات الاجتماعية، في الهجرة، وبالتالي تبحث عن الاستقرار والأمن، بينما يتميز المغرب بالاستقرار الأمني، وهذه هي المفارقة الكبيرة، بحكم ضرورة جلب الأمن للاستقرار الاجتماعي، الأمر الذي لا يحدث في حالة المغرب. ويختار المغاربة ثلاث دول رئيسية للهجرة نحوها وهي، كندا لنموذجها الجذاب في المركز الأول، تليها فرنسا لأسباب تاريخية، ثم ألمانيا التي تعتبر دولة مثالية في أعين المغاربة. وتبقى الرغبة في الهجرة عموما نحو دول الغرب وليس نحو مناطق أخرى.
وعلى ضوء خصوصيات المغرب، كدولة ذات تاريخ عريق وموارد طبيعية فوق المتوسط وموقع جغرافي استراتيجي، تعتبر نسبة 80% مرعبة بكل المقاييس، ومنطقيا يجب عدم تجاوز 30%. ونسبة 80% تتعارض وخطاب الدولة المغربية منذ سنوات، بتسجيل المغرب انتقالا ديمقراطيا وازدهارا اقتصاديا. ومن ضمن الأمثلة، كانت إسبانيا دولة مصدرة لليد العاملة بعد الحرب الأهلية في ثلاثينيات القرن الماضي. واستمرت الظاهرة حتى بداية السبعينيات، ولكن بمجرد بدء الانتقال الديمقراطي في أعقاب وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو سنة 1975 وتحقيق قفزة اقتصادية، أصبحت في مقدمة دول العالم التي تستقبل اليد العاملة، ومنها المغاربة، حيث توافد قرابة مليون منهم على هذا البلد في ظرف ثلاثة عقود، لكن ما يجري في المغرب هو العكس، أي الهجرة ثم الهجرة. وخلال العقدين الأخيرين، وبالضبط منذ بداية سنة 2000 إلى يومنا هذا غادر ما بين مليون ونصف المليون إلى مليوني مواطن المغرب نحو عشرات الدول، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي. وتوجد عوامل متعددة لتفسير ظاهرة الهجرة المغربية نحو الخارج وأبرزها كالتالي:
*في المقام الأول، غياب سياسة التشغيل أو خلق مناصب العمل، فمن جهة، لا تخلق الدولة المغربية مناصب الشغل الكافية. والاطلاع على نسبة مناصب الشغل المتضمنة في قانون المالية 2019 مقلق، هو رقم ضعيف للغاية، رغم احتياج البلاد للأطر في معظم القطاعات. ويبقى العرض الحكومي المغربي في التشغيل من أدنى النسب في العالم، مقارنة مع الساكنة، وعليه، تحولت الهجرة الى المصدر الأول للتشغيل بدل الدولة أو القطاع الخاص.
*في المقام الثاني، رغبة المغاربة في الخروج من المغرب نتيجة انهيار قطاعات أساسية وهي، التعليم والصحة، يضاف إليها مؤخرا غياب الأمن عبر ما يسميه المغاربة «التشرميل» الاعتداءات بالسكاكين الطويلة مثل السيوف. وتعترف الدولة بفشل التعليم، بينما قطاع الصحة يعيش مرحلة كارثية وكأن البلاد خرجت لتوها من حرب أهلية طاحنة.
*في المقام الثالث، الرغبة في الهجرة لأسباب سياسية بعد عودة ما يصطلح عليه بسنوات الرصاص، من تضييق على الحريات السياسية والاجتماعية. ولعل هجرة شباب منطقة الريف شمال البلاد، هربا من الملاحقات والمحاكمات في أعقاب الحراك الريفي معطى دال للغاية في هذا الشأن.
*في المقام الرابع، اعتراف الدولة المغربية بفشل نموذجها التنموي، والفشل المضاعف في البحث عن نموذج بديل مقنع للمغاربة، وأمام غياب البديل التنموي، أصبح البديل هو الرهان على الهجرة.
*في المقام الخامس، غياب أي إرادة سياسية حقيقية لدى النظام المغربي في إعادة توزيع الثروة على المواطنين، من خلال وضع نهاية للاحتكار والفساد والنهب، الأمر الذي يجعل كل الآفاق مغلقة.
ورغبة المغاربة في مغادرة البلاد لا يختصر في مجرد تحقيق الحلم، بل هو واقع معاش بشكل يومي ولا ينحصر في الفقراء، بل حتى الأغنياء،حيث يعيش معظمهم في الخارج. وتوجد طريقتان للهجرة، الأولى قانونية وهي محدودة للغاية، سواء عبر الدراسة، أو الاستثمار أو البقاء في الخارج بعد الحصول على تأشيرة السفر. وتتجلى الثانية في الرهان على الهجرة السرية من خلال ظاهرة قوارب الموت من شواطئ المغرب نحو إسبانيا أو من شواطئ ليبيا الى إيطاليا، أو طريق تركيا نحو أوروبا، التي تحمل معها مآسي غرق المئات سنويا، إلى مستوى تحول منطقة مضيق جبل طارق الى أكبر مقبرة بحرية في العالم. وبذلك، تعد نسبة 80% من المغاربة الراغبين في الهجرة انعكاسا لفشل سياسة التنمية التي تنهجها الدولة، وانعكاسا للفساد الذي ينخر الدولة، وهي كذلك عنوان عريض يؤكد انعدام الآفاق في مغرب العقود الأولى من القرن الواحد والعشرين.